ولأبي داود الطيالسي عن ابن عباس بسند جيد مثله وأخرجه الطبراني وله شاهد عن أبي أمامة عند أبي جعفر الطبري في التفسير واكل لحوم الناس يصدق على النميمة والغيبة والظاهر اتحاد القصة ويحتمل التعدد وتقدم بيان ذلك واضحا في كتاب الطهارة (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار) ذكر فيه أول حديث أبي أسيد الساعدي وقد تقدم في المناقب بتمامه وفى ايراد هذه الترجمة هنا اشكال لان هذا ليس من الغيبة أصلا الا ان اخذ من أن المفضل عليهم يكرهون ذلك فيستثنى ذلك من عموم قوله ذكرك أخاك بما يكره ويكون محل الزجر إذا لم يترتب عليه حكم شرعي فاما ما يترتب عليه حكم شرعي فلا يدخل في الغيبة ولو كرهه المحدث عنه ويدخل في ذلك ما يذكر لقصد النصيحة من بيان غلط من يخشى ان يقلد أو يغتر به في أمر ما فلا يدخل ذكره بما يكره من ذلك في الغيبة المحرمة كما سيأتي واليه يشير ما ترجم به المصنف عقب هذا وقال ابن التين في حديث أبي أسيد دليل على جواز المفاضلة بين الناس لمن يكون عالما بأحوالهم لينبه على فضل الفاضل ومن لا يلحق بدرجته في الفضل فيتمثل أمره صلى الله عليه وسلم بتنزيل الناس منازلهم وليس ذلك بغيبة (قوله باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد) ذكر فيه حديث عائشة في قوله بئس أخو العشيرة وقد تقدم شرحه قريبا في باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا وقد نوزع في كون ما وقع من ذلك غيبة وإنما هو نصيحة ليحذر السامع وإنما لم يواجه المقول فيه بذلك لحسن خلقه صلى الله عليه وسلم ولو واجه المقول فيه بذلك لكان حسنا ولكن حصل القصد بدون مواجهة والجواب أن المراد أن صورة الغيبة موجودة فيه وأن لم يتناول الغيبة المذمومة شرعا وغايته أن تعريف الغيبة المذكور أولا هو اللغوي وإذا استثنى منه ما ذكر كان ذلك تعريفها الشرعي وقوله في الحديث أن شر الناس استئناف كلام كالتعليل اتركه مواجهته بما ذكره في غيبته ويستنبط منه أن المجاهر بالفسق والشر لا يكون ما يذكر عنه من ذلك من ورائه من الغيبة المذمومة قال العلماء تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعا حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه بها كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة والتحذير من الشر ويدخل فيه تجريح الرواة والشهود وإعلام من له ولاية عامة بسيرة من هو تحت يده وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود وكذا من رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة ومما يدخل في ضابط الغيبة وليس بغيبة ما تقدم تفصيله في باب ما يجوز من ذكر الناس فيستثنى أيضا والله أعلم (قوله باب النميمة من الكبائر) سقط لفظ باب من رواية أبي ذر وحده ذكر فيه حديث ابن عباس في قصة القبرين وهو ظاهر فيما ترجم به لقوله في سياقه وأنه لكبير وقد تقدم القول فيه في كتاب الطهارة وقد صحح ابن حبان من حديث أبي هريرة بلفظ وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة * (لطيفة) * أبدى بعضهم للجمع بين هاتين الخصلتين مناسبة وهي أن البرزخ مقدمة الآخرة وأول ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ومن حقوق العباد الدماء ومفتاح الصلاة التطهر من الحدث والخبث ومفتاح الدماء الغيبة والسعي بن الناس بالنميمة بنشر الفتن التي يسفك بسببها الدماء (قوله باب ما يكره من النميمة) كأنه أشار بهذه
(٣٩٣)