رواية واضحة تفسر كل ما ورد من الألفاظ المشكلة في غيرها وأما قول النووي يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن الغلام المذكور لا يؤخر ولا يعمر ولا يهرم أي فيكون الشرط لم يقع فكذلك لم يقع الجزاء فهو تأويل بعيد ويلزم منه استمرار الاشكال لأنه ان حمل الساعة على انقراض الدنيا وحلول أمر الآخرة كان مقتضي الخبر أن القدر الذي كان بين زمانه صلى الله عليه وسلم وبين ذلك بمقدار ما لو عمر ذلك الغلام إلى أن يبلغ الهرم والشاهد خلاف ذلك وأن حمل الساعة على زمن مخصوص رجع إلى التأويل المتقدم وله أن ينفصل عن ذلك بأن سن الهرم لا حد لقدره وقال الكرماني يحتمل أن يكون الجزاء محذوفا كذا قال (قوله واختصره شعبة عن قتادة سمعت أنسا) وصله مسلم من رواية محمد بن جعفر عن شعبة ولم يسق ألفاظه بل أحاله به على رواية سالم بن أبي الجعد عن أنس وساقها أحمد في مسنده عن محمد بن جعفر ولفظه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال متى الساعة قال ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال أنت مع من أحببت وهو موافق لرواية همام فكأن مراد البخاري بالاختصار ما زاده همام في آخر الحديث من قوله فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا فمر غلام الخ (قوله باب علامة الحب في الله لقوله تعالى إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ذكر فيه حديث المرء مع من أحب قال الكرماني يحتمل أن يكون المراد بالترجمة محبة الله للعبد أو محبة العبد لله أو المحبة بين العباد في ذات الله بحيث لا يشوبها شئ من الرياء والآية مساعدة للأولين واتباع الرسول علامة للأولى لأنها مسببة للاتباع وللثانية لأنها سببه انتهى ولم يتعرض لمطابقة الحديث للترجمة وقد توقف فيه غيره واحد والمشكل منه جعل ذلك علامة الحب في الله وكأنه محمول على الاحتمال الثاني الذي أبداه الكرماني وأن المراد علامة حب العبد لله فدلت الآية أنها لا تحصل إلا باتباع الرسول ودل الخبر على أن أتباع الرسول وإن كان الأصل أنه لا يحصل إلا بامتثال جميع ما أمر به أنه قد يحصل من طرق التفضل باعتقاد ذلك وان لم يحصل استيفاء العمل بمقتضاه بل محبة من يعمل ذلك كافية في حصول أصل النجاة والكون مع العاملين بذلك لان محبتهم إنما هي لأجل طاعتهم والمحبة من أعمال القلوب فأثاب الله محبهم على معتقده إذ النية هي الأصل والعمل تابع لها وليس من لازم المعية الاستواء في الدرجات وقد اختلف في سبب نزول الآية فأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل فأنزل الله هذه الآية وذكر الكلبي في تفسيره عن ابن عباس أنها نزلت حين قال اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه وفي تفسير محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير نزلت في نصارى نجران قالوا إنما نعبد المسيح حبا لله وتعظيما له وفي تفسير الضحاك عن ابن عباس أنها نزلت في قريش قالوا إنما نعبد الأصنام حبا لله لتقربنا إليه زلفى فنزلت (قوله شعبة عن سليمان هو الأعمش وفي رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الأعمش (قوله عن أبي وائل) في رواية الطيالسي عن شعبة عن الأعمش سمع أبا وائل وكذا في رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة عن الأعمش سمعت أبا وائل (قوله عن عبد الله) هكذا رواه أصحاب شعبة فقالوا عن عبد الله ولم ينسبوه منهم ابن أبي عدي عند مسلم وأبو داود الطيالسي عند أبي عوانة وعمرو بن مرزوق عند أبي نعيم وأبو عامر العقدي ووهب بن جرير عند الإسماعيلي وحكى الإسماعيلي عن بندار أنه
(٤٦٠)