الحديث على ما هجى به النبي صلى الله عليه وسلم وأنكرت على من حمله على العموم في جميع الشعر قال السهيلي فان قلنا بذلك فليس في الحديث ألاعيب امتلاء الجوف منه فلا يدخل في النهى رواية اليسير على سبيل الحكاية ولا الاستشهاد به في اللغة ثم ذكر استشكال أبى عبيد وقال عائشة اعلم منه فان الذي يروى ذلك على سبيل الحكاية لا يكفر ولا فرق بينه وبين الكلام الذي ذموا به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الجواب عن صنيع ابن إسحاق في ايراده بعض اشعار الكفرة في هجو المسلمين والله أعلم واستدل بتأويل أبى عبيد على أن مفهوم الصفة ثابت باللغة لأنه فهم منه ان غير الكثير من الشعر ليس كالكثير فخص الذم بالكثير الذي دل عليه الامتلاء دون القليل منه فلا يدخل في الذم واما من قال إن أبا عبيد بنى هذا التأويل على اجتهاده فلا يكون ناقلا للغة فجوابه انه انما فسر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه على ما تلقفه من لسان العرب لا على ما يعرض في خاطره لما عرف من تحرزه في تفسير الحديث النبوي وقال النووي استدل به على كراهة الشعر مطلقا وان قل وان سلم من الفحش وتعلق بقوله في حديث أبي سعيد (3) حذو الشيطان وأجيب باحتمال ان يكون كافرا أو كان الشعر هو الغلب عليه أو كان شعره الذي ينشده إذ ذاك من المذموم وبالجملة فهي واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال ولا عموم لها فلا حجة فيها والحق ابن أبي جمرة بامتلاء الجوف بالشعر المذموم حتى يشغله عما عداه من الواجبات والمستحبات الامتلاء من السجع مثلا ومن كل علم مذموم كالسحر وغير ذلك من العلوم التي تقسي القلب وتشغله عن الله تعالى وتحدث الشكوك في الاعتقاد وتفضي به إلى التباغض والتنافس * (تنبيه) * مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر ان الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الاقبال عليه والاشتغال به فزجر هم عنه ليقبلوا على القرآن وعلى ذكر الله تعالى وعباد به فمن اخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقى عنده مما سوى ذلك والله أعلم (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم تربت يمينك وعقري حلقى) ذكر فيه حديثين لعائشة مقدما فيهما ما ترجم به * أحدهما حديثهما في قصة أبى القعيس في الرضاعة وقد تقدم شرحه في كتاب النكاح في باب الأكفاء في الدين في شرح حديث أبي هريرة تنكح المراة لأربع الحديث قال ابن السكيت أصل تربت افتقرت ولكنها كلمة تقال ولا يراد بها الدعاء وانما أراد التحريض على الفعل المذكور وانه ان خالف أساء وقال النحاس معناه ان لم تفعل لم يحصل في يديك الا التراب وقال ابن كيسان هو مثل حرى على أنه ان فاتك ما أمرتك به افتقرت إليه فكأنه قال افتقرت ان فاتك فاختصر وقال الداودي معناه افتقرت من العلم وقيل هي كلمة تستعمل في المدح عند المبالغة كما قالوا للشاعر قابله الله لقد أجاد وقيل غير ذلك مما تقدم بيانه في حديث أبي هريرة * ثانيهما حديثها في قصة صفية لما حاضت في الحج وقد تقدم شرحه في كتاب الحج في باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت وضبطه أبو عبيد في غريب الحديث بالقصر وبالتنوين وذكر في الأمثال انه في كلام العرب بالمد وفى كلام المحدثين بالقصر وقال أبو علي القالي هو بالمد وبالقصر معا قالوا والمعنى عقرها الله وحلقها وفيه من القول نحو ما تقدم في تربت (قوله باب ما جاء في زعموا) كأنه يشير إلى حديث أبي
(٤٥٥)