مع وجود أحدهما فلما أعيد حرف النفي صار التقدير ولا تدخل بيتا فيه صورة قال الخطابي والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن على ما سيأتي تقريره في باب ما وطئ من التصاوير بعد بابين وتأتي الإشارة إلى تقوية ما ذهب إليه الخطابي في باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة وأغرب ابن حبان فادعى أن هذا الحكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم قال وهو نظير الحديث الآخر لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس قال فإنه محمول على رفقة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ محال أن يخرج الحاج والمعتمر لقصد بيت الله عز وجل على رواحل لا تصحبها الملائكة وهم وفد الله انتهى وهو تأويل بعيد جدا لم أره لغيره ويزيل شبهته أن كونهم وفد الله لا يمنع أن يؤاخذوا بما يرتكبونه من خطيئة فيجوز أن يحرموا بركة الملائكة بعد مخالطتهم لهم إذا ارتكبوا النهي واستصحبوا الجرس وكذا القول فيمن يقتني الصورة والكلب والله أعلم وقد استشكل كون الملائكة لا تدخل المكان الذي فيه التصاوير مع قوله سبحانه وتعالى عند ذكر سليمان عليه السلام يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وقد قال مجاهد كانت صورا من نحاس أخرجه الطبري وقال قتادة كانت من خشب ومن زجاج أخرجه عبد الرزاق والجواب أن ذلك كان جائزا في تلك الشريعة وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم وقد قال أبو العالية لم يكن ذلك في شريعتهم حراما ثم جاء شرعنا بالنهي عنه ويحتمل أن يقال أن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذوات الأرواح وإذا كان اللفظ محتملا لم يتعين الحمل على المعنى المشكل وقد ثبت في الصحيحين حديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير وأنه صلى الله عليه وسلم قال كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله فإن ذلك يشعر بأنه لو كان ذلك جائزا في ذلك الشرع ما أطلق عليه صلى الله عليه وسلم أن الذي فعله شر الخلق فدل على أن فعل صور الحيوان فعل محدث أحدثه عباد الصور والله أعلم (قوله باب عذاب المصورين يوم القيامة) أي الذين يصنعون الصور ذكر فيه حديثين * الأول (قوله عن مسلم) هو ابن صبيح أبو الضحى وهو بكنيته أشهر وجوز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران البطين ثم قال أنه الظاهر وهو مردود فقد وقع في رواية مسلم في هذا الحديث من طريق وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى (قوله كنا مع مسروق) هو ابن الأجدع (قوله في دار يسار بن نمير) هو بتحتانية ومهملة خفيفة وأبوه بنون مصغر وسيار مدني سكن الكوفة وكان مولى عمر وخازنه وله رواية عن عمر وعن غيره وروى عنه أبو وائل وهو من أقرانه وأبو بردة بن أبي موسى وأبو إسحق السبيعي وهو موثق ولم أر له في البخاري إلا هذا الموضع (قوله فرأى في صفته) بضم المهملة وتشديد الفاء في رواية منصور عن أبي الضحى عند مسلم كنت مع مسروق في بيت فيه تماثيل فقال لي مسروق هذه تماثيل كسرى فقلت لا هذه تماثيل مريم كأن مسروقا ظن أن التصوير كان من مجوسي وكانوا يصورون صورة ملوكهم حتى في الأواني فظهر أن التصوير كان من نصراني لانهم يصورون صورة مريم والمسيح وغيرهما ويعبدونها (قوله سمعت عبد الله) هو ابن مسعود وفي رواية منصور فقال أما أني سمعت عبد الله بن مسعود (قوله
(٣٢١)