الحال وقال عياض تخصيصه ذلك بعجوة العالية وبما بين لابتي المدينة يرفع هذا الاشكال ويكون خصوصا لها كما وجد الشفاء لبعض الأدواء في الأدوية التي تكون في بعض تلك البلاد دون ذلك الجنس في غيره لتأثير يكون في ذلك من الأرض أو الهواء قال وأما تخصيص هذا العدد فلجمعه بين الافراد والاشفاع لأنه زاد على نصف العشرة وفيه اشفاع ثلاثة وأوقار أربعة وهي من نمط غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا وقوله تعالى سبع سنابل وكما أن السبعين مبالغة في كثرة العشرات والسبعمائة مبالغة في كثرة المئين وقال النووي في الحديث تخصيص عجوة المدينة بما ذكر وأما خصوص كون ذلك سبعا فلا يعقل معناه كما في أعداد الصلوات ونصب الزكوات قال وقد تكلم في ذلك المازري وعياض بكلام باطل فلا يغتر به انتهى ولم يظهر لي من كلامهما ما يقتضي الحكم عليه بالبطلان بل كلام المازري يشير إلى محصل ما اقتصر عليه النووي وفي كلام عياض إشارة إلى المناسبة فقط والمناسبات لا يقصد فيها التحقيق البالغ بل يكتفي منها بطرق الإشارة وقال القرطبي ظاهر الأحاديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السم وإبطال السحر والمطلق منها محمول على المقيد وهو من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني ومن أئمتنا من تكلف لذلك فقال أن السموم إنما تقتل لافراط برودتها فإذا داوم على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة وأعانتها الحرارة الغريزية فقاوم ذلك برودة السم ما لم يستحكم قال وهذا يلزم منه رفع خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقا بل خصوصية التمر فإن من الأدوية الحارة ما هو أولى بذلك من التمر والأولى أن ذلك خاص بعجوة المدينة ثم هل هو خاص بزمان نطقه أو في كل زمان هذا محتمل ويرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة فمن جرب ذلك فصح معه عرف أنه مستمر وإلا فهو مخصوص بذلك الزمان قال وأما خصوصية هذا العدد فقد جاء في مواطن كثيرة من الطب كحديث صبوا علي من سبع قرب وقوله للمفؤد الذي وجهه للحرث بن كلدة أن يلده بسبع تمرات وجاء تعويذه سبع مرات إلى غير ذلك وأما في غير الطب فكثير فما جاء من هذا العدد في معرض التداوي فذلك لخاصية لا يعلمها إلا الله أو من أطلعه على ذلك وما جاء منه في غير معرض التداوي فإن العرب تضع هذا العدد موضع الكثرة وإن لم ترد عددا بعينه وقال ابن القيم عجوة المدينة من أنفع تمر الحجاز وهو صنف كريم ملززمتين الجسم والقوة وهو من ألين التمر وألذه قال والتمر في الأصل من أكثر الثمار تغذية لما فيه من الجوهر الحار الرطب وأكله على الريق يقتل الديدان لما فيه من القوة الترياقية فإذا أديم أكله على الريق جفف مادة الدود وأضعفه أو قتله انتهى وفي كلامه إشارة إلى أن المراد نوع خاص من السم وهو ما ينشأ عن الديدان التي في البطن لا كل السموم لكن سياق الخبر يقتضي التعميم لأنه نكرة في سياق النفي وعلى تقديم التسليم في السم فماذا يصنع في السحر (قوله باب لا هامة) قال أبو زيد هي بالتشديد وخالفه الجميع فخففوها وهو المحفوظ في الرواية وكأن من شددها ذهب إلى واحدة الهوام وهي ذوات السموم وقيل دواب الأرض التي تهم بأذى الناس وهذا لا يصح نفيه إلا إن أريد أنها لا تضر لذواتها وإنما تضر إذا أراد الله إيقاع الضرر بمن أصابته وقد ذكر الزبير بن بكار في الموفقيات أن العرب كانت في الجاهلية تقول إذا قتل الرجل ولم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه هامة وهي دودة فتدور حول قبره فتقول أسقوني أسقوني فإن أدرك
(٢٠٥)