لبس ما كان صبغ غزله ثم نسج ويمنع ما صبغ بعد النسج جنح إلى ذلك الخطابي واحتج بأن الحلة الواردة في الأخبار الواردة في لبسه صلى الله عليه وسلم الحلة الحمراء إحدى حلل اليمن وكذلك البرد الأحمر وبرود اليمن يصبغ غزلها ثم ينسج * القول السادس اختصاص النهي بما يصبغ بالمعصفر لورود النهي عنه ولا يمنع ما صبغ بغيره من الاصباغ ويعكر عليه حديث المغيرة المتقدم * القول السابع تخصيص المنع بالثوب الذي يصبغ كله وأما ما فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء فإن الحلل اليمانية غالبا تكون ذات خطوط حمر وغيرها قال ابن القيم كان بعض العلماء يلبس ثوبا مشبعا بالحمرة يزعم أنه يتبع السنة وهو غلط فإن الحلة الحمراء من برود اليمن والبرد لا يصبغ أحمر صرفا كذا قال وقال الطبري بعد أن ذكر غالب هذه الأقوال الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعا بالحمرة ولا لبس الأحمر مطلقا ظاهرا فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المرؤة في زماننا فإن مراعاة زي الزمان من المرؤة ما لم يكن إثما وفي مخالفة الزي ضرب من الشهرة وهذا يمكن أن يلخص منه قول ثامن والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمراء كما سيأتي وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء فيكون النهي عنه لا لذاته وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المرؤة فيمنع حيث يقع ذلك وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت (قوله باب الميثرة الحمراء) ذكر فيه حديث سفيان وهو الثوري عن أشعث وهو ابن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد عن البراء قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع الحديث وفي آخره وعن لبس الحرير والديباج والاستبرق والمياثر الحمر فالحرير قد سبق القول فيه والديباج والاستبرق صنفان نفيسان منه وأما المياثر فهي جمع ميثرة تقدم ضبطها في باب لبس القسي وقد أخرج أحمد والنسائي وأصله عند أبي داود بسند صحيح عن علي قال نهى عن المياثر الأرجوان هكذا عندهم بلفظ نهى على البناء للمجهول وهو محمول على الرفع وقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من طريق هبيرة بن يريم بتحتانية أوله وزن عظيم عن علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن لبس القسي والميثرة الحمراء قال أبو عبيد المياثر الحمر التي جاء النهي عنها كانت من مراكب العجم من ديباج وحرير وقال الطبري هي وعاء يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير من الأرجوان وحكى في المشارق قولا أنها سروج من ديباج وقولا أنها أغشية للسروج من حرير وقول أنها تشبه المخدة تحشى بقطن أو ريش يجعلها الراكب تحته وهذا يوافق تفسير الطبري والأقوال الثلاثة يحتمل أن لا تكون متخالفة بل الميثرة تطلق على كل منها وتفسير أبي عبيد يحتمل الثاني والثالث وعلى كل تقدير فالمثيرة وإن كانت من حرير فالنهي فيها كالنهي عن الجلوس على الحرير وقد تقدم القول فيه ولكن تقييدها بالأحمر أخص من مطلق الحرير فيمتنع إن كانت حريرا ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء وإن كانت من غير حرير فالنهي فيها للزجر عن التشبه بالأعاجم قال ابن بطال كلام الطبري يقتضي التسوية في المنع من الركوب عليه سواء كانت من حرير أم من غيره فكان النهي عنها إذا لم يكن من حرير للتشبه أو للسرف أو التزين وبحسب ذلك تفصيل الكراهة بين التحريم
(٢٥٩)