تقدم ضبط ذلك وشرحه في قصة موسى من أحاديث الأنبياء ثانيها في قصة موت هارون وقد أوضحته أيضا في قصة موسى ثالثها في قصته مع قارون حيث أمر البغي أن تزعم أن موسى راودها حتى كان ذلك سبب هلاك قارون وقد تقدم ذلك في قصة قارون في آخر أخبار موسى من أحاديث الأنبياء (قوله باب من لم يواجه الناس بالعتاب) أي حياء منهم (قوله مسلم) هو ابن صبيح أبو الضحى ووهم من زعم أنه ابن عمران البطين وقد أخرجه مسلم من طريق جرير عن الأعمش فقال عن أبي الضحى ومن طريق حفص بن غياث التي أخرجها البخاري من طريقه فقال نحو جرير ومن طريق عيسى بن يونس عن الأعمش كذلك ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم (قوله صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فترخص فيه) في رواية مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أمر (قوله فتنزه عنه قوم) في رواية مسلم من طريق جرير عن الأعمش فبلغ ذلك ناسا من أصحابه فكأنهم كرهوه وتنزهوا (قوله فخطب) في رواية أبي معاوية فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب حتى بان الغضب في وجهه (قوله ما بال أقوام) في رواية جرير ما بال رجال قال ابن بطال هذا لا ينافي الترجمة لان المراد بها المواجهة مع التعيين كأن يقول ما بالك يا فلان تفعل كذا وما بال فلان يفعل كذا فأما مع الابهام فلم تحصل المواجهة وأن كانت صورتها موجودة وهي مخاطبة من فعل ذلك لكنه لما كان من جملة المخاطبين ولم يميز عنهم صار كأنه لم يخاطب (قوله يتنزهون عن الشئ أصنعه) في رواية جرير بلغهم عني أمر ترخصت فيه فكرهوه وتنزهوا عنه وفي رواية أبي معاوية يرغبون عما رخص لي فيه (قوله فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية) جمع بين القوة العلمية والقوة العملية أي أنهم توهموا أن رغبتهم عما أفعل أقرب لهم عند الله وليس كذلك إذ هو أعلمهم بالقربة وأولاهم بالعمل بها وقد تقدم معنى هذا الحديث في كتاب الايمان في رواية هشام بن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم أمرهم من الأعمال بما يطيقون الحديث وفيه فيغضب ثم يقول إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا وقد أوضحت شرحه هناك وذكرت فيه أن الحديث من أفراد هشام عن أبيه عروة عن عائشة وطريق مسروق هذه متابعة جيدة لأصل هذا الحديث قال ابن بطال كان النبي صلى الله عليه وسلم رفيفا بأمته فلذلك خفف عنهم العتاب لانهم فعلوا ما يجوز لهم من الاخذ بالشدة ولو كان ذلك حراما لأمرهم بالرجوع إلى فعله (قلت) أما المعاتبة فقد حصلت منه لهم بلا ريب وإنما لم يميز الذي صدر منه ذلك سترا عليه فحصل منه الرفق من هذه الحيثية لا بترك العتاب أصلا وأما استدلاله بكون ما فعلوه غير حرام فواضح من جهة أنه لم يلزمهم بفعل ما فعله هو وفي الحديث الحث على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وذم التعمق والتنزه عن المباح وحسن العشرة عند الموعظة والانكار والتلطف في ذلك ولم أعرف أعيان القوم المشار إليهم في هذا الحديث ولا الشئ الذي ترخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم ثم وجدت ما يمكن أن يعرف به ذلك وهو ما أخرجه مسلم في كتاب الصيام من وجه آخر عن عائشة أن رجلا قال يا رسول الله إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني أرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ونحو هذا في حديث أنس المذكور في كتاب النكاح أن ثلاثة رهط سألوا عن عمل
(٤٢٧)