في مقام الشهرة فالترك في حقه أولى ونقل الطبري بعد أن أورد حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه بلفظ من شاب شيبة فهي له نور إلى أن ينتفها أو يخضبها وحديث ابن مسعود إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره خصالا فذكر منها تغيير الشيب إذ بعضهم ذهب إلى أن هذه الكراهة تستحب بحديث الباب ثم ذكر الجمع وقال دعوى النسخ لا دليل عليها (قلت) وجنح إلى النسخ الطحاوي وتمسك بالحديث الآتي قريبا أنه كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه ثم صار يخالفهم ويحث على مخالفتهم كما سيأتي تقريره في باب الفرق إن شاء الله تعالى وحديث عمرو بن شعيب المشار إليه أخرجه الترمذي وحسنه ولم أر في شئ من طرقه الاستثناء المذكور فالله أعلم قال ابن العربي وإنما نهى عن النتف دون الخضب لان فيه تغيير الخلقة من أصلها بخلاف الخضب فإنه لا يغير الخلقة على الناظر إليه والله أعلم وقد نقل عن أحمد أنه يجب وعنه يجب ولو مرة وعنه لا أحب لاحد ترك الخضب ويتشبه بأهل الكتاب وفي السواد عنه كالشافعية روايتان المشهورة يكره وقيل يحرم ويتأكد المنع لمن دلس به (قوله باب الجعد) هو صفة الشعر يقال شعر جعد بفتح الجيم وسكون المهملة وبكسرها ذكر فيه سبعة أحاديث * الحديث الأول حديث أنس في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم شرحه في المناقب والمقصود منه هنا قوله وليس بالجعد القطط ولا بالسبط أي أن شعره كان بين الجعودة والسبوطة وقد تقدم بيان ذلك في المناقب وأن الشعر الجعد هو الذي يتجعد كشعور السودان وأن السبط هو الذي يسترسل فلا يتكسر منه شئ كشعور الهنود والقطط بفتح الطاء البالغ في الجعودة بحيث يتفلفل وقوله وليس في لحيته عشرون شعرة بيضاء تقدم في المناقب بيان الاختلاف في تعيين العدد المذكور ومما لم يتقدم هناك أن في حديث الهيثم بن دهر عند الطبراني ثلاثون شعرة عددا وسنده ضعيف والمعتمد ما تقدم أنهن دون العشرين * الحديث الثاني حديث البراء (قوله حدثنا مالك بن إسماعيل) هو أبو غسان النهدي (قوله قال بعض أصحابي عن مالك) هو ابن إسماعيل المذكور (قوله إن جمته) بضم الجيم وتشديد الميم أي شعر رأسه إذا نزل إلى قرب المنكبين قال الجوهري في حرف الواو والوفرة الشعر إلى شحمة الأذن ثم الجمة ثم اللمة إذا ألمت بالمنكبين وقد خالف هذا في حرف الجيم فقال إذا بلغت المنكبين فهي جمة واللمة إذا جاوزت شحم الاذن وتقدم نظيره في ترجمة عيسى من أحاديث الأنبياء في شرح حديث ابن عمر قال شيخنا في شرح الترمذي كلام الجوهري الثاني هو الموافق لكلام أهل اللغة وجمع ابن بطال بين اللفظين المختلفين في الحديث بأن ذلك إخبار عن وقتين فكان إذا غفل عن تقصيره بلغ قريب المنكبين وإذا قصه لم يجاوز الاذنين وجمع غيره بأن الثاني كان إذا اعتمر يقصر والأول في غير تلك الحالة وفيه بعد ثم هذا الجمع إنما يصلح لو اختلفت الأحاديث وأما هنا فاللفظان وردا في حديث واحد متحدا المخرج وهما من رواية أبي إسحق عن البراء فالأولى في الجمع بينهما الحمل على المقاربة وقد وقع في حديث أنس الآتي قريبا كما وقع في حديث البراء (قوله لنضرب قريبا من منكبيه) في رواية شعبة المعلقة عقب هذا شعره يبلغ شحمة أذنيه وقد تقدم في المناقب أن في رواية يوسف ابن إسحاق بن أبي إسحق ما يجمع بين الروايتين ولفظه له شعر يبلغ شحمة أذنيه إلى منكبيه وحاصله أن الطويل منه يصل إلى المنكبين وغيره إلى شحمة الأذن والمراد ببعض أصحابه الذي أبهمه
(٣٠١)