بالأعضاء لان الايمان أصل وفروعه التكاليف فإذا أخل المرء بشئ من التكاليف شأن ذلك الاخلال الأصل وكذلك الجسد أصل كالشجرة وأعضاؤه كالأغصان فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت الأعضاء كلها كالشجرة إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب * الحديث الخامس حديث أنس ما من مسلم غرس غرسا تقدم شرحه في المزارعة وقوله أو دابة إن كان مأخوذا من دب على الأرض فهو من عطف العام على الخاص وإن كان المراد الدابة في العرف فهو من عطف جنس على جنس وهو الظاهر هنا قال ابن أبي جمرة يدخل الغارس في عموم قوله إنسان فإن فضل الله واسع وفيه التنويه بقدر المؤمن وأنه يحصل له الاجر وإن لم يقصد إليه عينا وفيه الترغيب في التصرف على لسان المعلم والحض على التزام طريق المصلحين والارشاد إلى ترك المقاصد الفاسدة والترغيب في المقاصد الصالحة الداعية إلى تكثير الثواب وأن تعاطي الأسباب التي اقتضتها الحكمة الربانية من عمارة هذه الدار لا ينافي العبادة ولا طريق الزهد ولا التوكل وفيه التحريض على تعلم السنة ليعلم المرء ماله من الخير فيرغب فيه لان مثل هذا الفضل المذكور في الغرس لا يدرك إلا من طريق السنة وفيه إشارة إلى أن المرء قد يصل إليه من الشر ما لم يعمل به ولا قصد إليه فيحذر من ذلك لأنه لما جاز حصول هذا الخير بهذا الطريق جاز حصول مقابله اه ملخصا * الحديث السادس حديث جرير (قوله عمر بن حفص) أي ابن غياث والسند كله كوفيون (قوله من لا يرحم لا يرحم) تقدم هذا المتن في أثناء حديث أبي هريرة في باب رحمة الولد ووقع في حديث جرير في رواية لمسلم من لا يرحم الناس لا يرحمه الله وهو عند الطبراني بلفظ من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء وله من حديث ابن مسعود رفعه أرحم من في الأرض يرحمك من في السماء ورواته ثقات وهو في حديث عبد الله بن عمر وعند أبي داود والترمذي والحاكم بلفظ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وهذا الحديث قد اشتهر بالمسلسل بالأولية وفي حديث الأشعث بن قيس عند الطبراني في الأوسط من لم يرحم المسلمين لم يرحمه الله قال ابن بطال فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر والبهائم المملوك منها وغير المملوك ويدخل في الرحمة التعاهد بالاطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب وقال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون المعنى من لا يرحم غيره بأي نوع من الاحسان لا يحصل له الثواب كما قال تعالى هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ويحتمل أن يكون المراد من لا يكون فيه رحمة الايمان في الدنيا لا يرحم في الآخرة أو من لا يرحم نفسه بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه لا يرحمه الله لأنه ليس له عنده عهد فتكون الرحمة الأولى بمعنى الأعمال والثانية بمعنى الجزاء أي لا يثاب إلا من عمل صالحا ويحتمل أن تكون الأولى الصدقة والثانية البلاء أي لا يسلم من البلاء إلا من تصدق أو من لا يرحم الرحمة التي ليس فيها شائبة أذى لا يرحم مطلقا أو لا ينظر الله بعين الرحمة إلا لمن جعل في قلبه الرحمة ولو كان عمله صالحا اه ملخصا قال وينبغي للمرء أن يتفقد نفسه في هذه الأوجه كلها فما قصر فيه لجأ إلى الله تعالى في الإعانة عليه (قوله باب الوصاءة بالجار) بفتح الواو وتخفيف الصاد المهملة مع المد لغة في الوصية وكذا الوصاية بإبدال الهمزة ياء وهما بمعنى لكن الأول من أوصيت والثاني من وصيت * (تنبيه) * وقع في شرح شيخنا ابن الملقن هنا بسملة وبعدها كتاب البر والصلة ولم أر ذلك في شئ من الروايات التي اتصلت لنا ويؤيد
(٣٦٨)