رواية الكشميهني مستجمعا ضحكا أي مبالغا في الضحك لم يترك منه شيئا يقال استجمع السيل اجتمع من كل موضع واستجمعت للمرء أموره اجتمع له ما يحبه فعلى هذا قوله ضاحكا منصوب على التمييز وإن كان مشتقا مثل لله دره فارسا أي ما رأيته مستجمعا من جهة الضحك بحيث يضحك ضحكا تاما مقبلا بكليته على الضحك واللهوات بفتح اللام والهاء جمع لهاة وهي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم وهذا القدر المذكور طرف من حديث تقدم بتمامه وشرحه في تفسير سورة الأحقاف * الحديث التاسع حديث أنس في قصة الذي طلب الاستقاء ثم الاستصحاء والغرض منه ضحكه صلى الله عليه وسلم عند قول القائل غرقنا أورده من وجهين عن قتادة وساقه هنا على لفظ سعيد بن أبي عروبة وساقه في الدعوات على لفظ أبي عوانة ومحمد بن محبوب شيخه هو أبو عبد الله البناني البصري وهو غير محمد بن الحسن الذي لقيه محبوب ووهم من وحدهما كشيخنا ابن الملقن فإنه جزم بذلك وزعم أن البخاري روى عنه هنا وروى عن رجل عنه وليس كذلك بل هما اثنان أحدهما في عداد شيوخ الآخر وشيخ البخاري اسمه محمد واسم أبيه محبوب والآخر اسمه محمد واسم أبيه الحسن ومحبوب لقب محمد لا لقب الحسن وقد أخرج له البخاري في كتاب الأحكام حديثا واحدا قال فيه حدثنا محبوب بن الحسن وسبب الوهم أنه وقع في بعض الأسانيد حدثنا محمد بن الحسن محبوب فظنوا أنه لقب الحسن وليس كذلك (قوله باب قوله تعالى يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وما ينهى عن الكذب) قال الراغب أصل الصدق والكذب في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره ولا يكونان بالقصد الأول إلا في الخبر وقد يكونان في غيره كالاستفهام والطلب والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه فإن انخرم شرط لم يكن صدقا بل إما أن يكون كذبا أو مترددا بينهما على اعتبارين كقول المنافق محمد رسول الله فإنه يصح أن يقال صدق لكون المخبر عنه كذلك ويصح أن يقال كذب لمخالفة قوله لضميره والصديق من كثر منه الصدق وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق في الاعتقاد ويحصل نحو صدق ظني وفي الفعل نحو صدق في القتال ومنه قد صدقت الرؤيا اه ملخصا وقال ابن التين اختلف في قوله مع الصادقين فقيل معناه مثلهم وقيل منهم (قلت) وأظن المصنف لمح بذكر الآية إلى قصة كعب بن مالك وما أداه صدقه في الحديث إلى الخبر الذي ذكره في الآية بعد أن وقع له ما وقع من ترك المسلمين كلامه تلك المدة حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت ثم من الله عليه بقبول توبته وقال في قصته ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني للاسلام أعظم في نفسي من صدقي أن لا أكون كذبت فأهلك كما هلك الذين كذبوا وقال الغزالي الكذب من قبائح الذنوب وليس حراما لعينه بل لما فيه من الضرر ولذلك يؤذن فيه حيث يتعين طريقا إلى المصلحة وتعقب بأنه يلزم أن يكون الكذب إذا لم ينشأ عنه ضرر مباحا وليس كذلك ويمكن الجواب بأنه يمنع من ذلك حسما للمادة فلا يباح منه إلا ما يترتب عليه مصلحة فقد أخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن أبي بكر الصديق قال الكذب يجانب الايمان وأخرجه عنه مرفوعا وقال الصحيح موقوف وأخرج البزار من حديث سعد بن أبي وقاص رفعه قال يطبع المؤمن على كل شئ إلا الخيانة والكذب وسنده قوي وذكر الدارقطني في العلل أن الأشبه أنه موقوف وشاهد المرفوع من مرسل صفوان بن سليم في الموطأ قال ابن التين ظاهره
(٤٢٢)