(قوله أذى شوكة) التنوين فيه للتقليل لا للجنس ليصح ترتب فوقها ودونها في العظم والحقارة عليه بالفاء وهو يحتمل فوقها في العظم ودونها في الحقارة وعكسه والله أعلم (قوله كما تحط) بفتح أوله وضم المهملة وتشديد الطاء المهملة أي تلقيه منتثرا والحاصل أنه أثبت أن المرض إذا أشتد ضاعف الاجر ثم زاد عليه بعد ذلك أن المضاعفة تنتهي إلى أن تحط السيئات كلها أو المعنى قال نعم شدة المرض ترفع الدرجات وتحط الخطيئات أيضا حتى لا يبقى منها شئ ويشير إلى ذلك حديث سعد الذي ذكرته قبل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ومثله حديث أبي هريرة عند أحمد وابن أبي شيبة بلفظ لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة قال أبو هريرة ما من وجع يصيبني أحب إلي من الحمى أنها تدخل في كل مفصل من ابن آدم وأن الله يعطي كل مفصل قسطه من الاجر ووجه دلالة حديث الباب على الترجمة من جهة قياس الأنبياء على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإلحاق الأولياء بهم لقربهم منهم وإن كانت درجتهم منحطة عنهم والسر فيه أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت نعمة الله عليه أكثر كان بلاؤه أشد ومن ثم ضوعف حد الحر على العبد وقيل لأمهات المؤمنين من يأت منكن بفاحشة مبينة يضعف لها العذاب ضعفين قال ابن الجوزي في الحديث دلالة على أن القوي يحمل ما حمل والضعيف يرفق به إلا أنه كلما قويت المعرفة بالمبتلي هان عليه البلاء ومنهم من ينظر إلى أجر البلاء فيهون عليه البلاء وأعلى من ذلك درجة من يرى أن هذا تصرف المالك في ملكة فيسلم ولا يعترض وأرفع منه من شغلته المحبة عن طلب رفع البلاء وأنهى المراتب من يتلذذ به لأنه عن اختياره نشأ والله أعلم (قوله باب وجوب عيادة المريض) كذا جزم بالوجوب على ظاهر الامر بالعيادة وتقدم حديث أبي هريرة في الجنائز حق المسلم على المسلم خمس فذكر منها عيادة المريض ووقع في رواية مسلم خمس تجب للمسلم على المسلم فذكرها منها قال ابن بطال يحتمل أن يكون الامر على الوجوب بمعنى الكفاية كاطعام الجائع وفك الأسير ويحتمل أن يكون للندب للحث على التواصل والألفة وجزم الداودي بالأول فقال هي فرض يحمله بعض الناس عن بعض وقال الجمهور هي في الأصل ندب وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض دون بعض وعن الطبري تتأكد في حق من ترجى بركته وتسن فيمن يراعي حاله وتباح فيما عدا ذلك وفي الكافر خلاف كما سيأتي ذكره في باب مفرد ونقل النووي الاجماع على عدم الوجوب يعني على الأعيان وقد تقدم حديث أبي موسى المذكور هنا في الجهاد وفي الوليمة وذكر بعده حديث البراء مختصرا مقتصرا على بعض الخصال السبع ويأتي شرحه مستوفي في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى واستدل بعموم قوله عودوا المريض على مشروعية العيادة في كل مريض لكن استثنى بعضهم الأرمد لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو وهذا الامر خارجي قد يأتي مثله في بقية الأمراض كالمغمي عليه وقد عقبه المصنف به وقد جاء في عيادة الأرمد بخصوصها حديث زيد بن أرقم قال عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني أخرجه أبو داود وصححه الحاكم وهو عند البخاري في الأدب المفرد وسياقه أتم وأما ما أخرجه البيهقي والطبراني مرفوعا ثلاثة ليس لهم عيادة العين والدمل والضرس فصحح البيهقي أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير ويؤخذ من إطلاقه أيضا عدم التقييد بزمان يمضي من ابتداء مرضه وهو قول الجمهور وجزم الغزالي في
(٩٧)