أبي هريرة رفعه المبطون شهيد والمطعون شهيد هكذا أورده مختصرا مقتصرا على هاتين الخصلتين وقد أورده في الجهاد من رواية عبد الله بن يوسف عن مالك مطولا بلفظ الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والمقتول في سبيل الله وأشرت هناك إلى الأخبار الواردة في الزيادة على الخمسة والمراد بالمطعون من طعنه الجن كما تقدم تقريره في أول الباب (قوله باب أجر الصابر على الطاعون) أي سواء وقع به أو وقع في بلد هو مقيم بها (قوله الله تعالى عنهما قوله حدثنا إسحاق ) هو ابن راهويه وحبان بفتح المهملة وتشديد الموحدة هو ابن هلال ويحيى بن يعمر بفتح التحتانية والميم بينهما عين مهملة ساكنة وآخره راء (قوله أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون) في رواية أحمد من هذا الوجه عن عائشة قالت سألت (قوله أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء) في رواية الكشميهني على من شاء أي من كافر أو عاص كما تقدم في قصة آل فرعون وفي قصة أصحاب موسى مع بلعام (قوله فجعله الله رحمة للمؤمنين) أي من هذه الأمة وفي حديث أبي عسيب عند أحمد فالطاعون شهادة للمؤمنين ورحمة لهم ورجس على الكافر وهو صريح في أن كون الطاعون رحمة إنما هو خاص بالمسلمين وإذا وقع بالكفار فإنما هو عذاب عليهم يعجل لهم في الدنيا قبل الآخرة وأما العاصي من هذه الأمة فهل يكون الطاعون له شهادة أو يختص بالمؤمن الكامل فيه نظر والمراد بالعصي من يكون مرتكب الكبيرة ويهجم عليه ذلك وهو مصر فإنه يحتمل أن يقال لا يكرم بدرجة الشهادة لشؤم ما كان متلبسا به لقوله تعالى أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات وأيضا فقد وقع في حديث ابن عمر ما يدل على أن الطاعون ينشأ عن ظهور الفاحشة أخرجه ابن ماجة والبيهقي بلفظ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الحديث وفي إسناده خالد بن يزيد بن أبي مالك وكان من فقهاء الشام لكنه ضعيف عند أحمد وابن معين وغيرهما ووثقه أحمد بن صالح المصري وأبو زرعة الدمشقي وقال ابن حبان كان يخطئ كثيرا وله شاهد عن ابن عباس في الموطأ بلفظ ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت الحديث وفيه انقطاع وأخرجه الحاكم من وجه آخر موصولا بلفظ إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله وللطبراني موصولا من وجه آخر عن ابن عباس نحو سياق مالك وفي سنده مقال وله من حديث عمرو بن العاص بلفظ ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالفناء الحديث وسنده ضعيف وفي حديث بريدة عند الحاكم بسند جيد بلفظ ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت ولأحمد من حديث عائشة مرفوعا لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا أوشك أن يعمهم الله بعقاب وسنده حسن ففي هذه الأحاديث أن الطاعون قد يقع عقوبة بسبب المعصية فكيف يكون شهادة ويحتمل أن يقال بل تحصل له درجة الشهادة لعموم الأخبار الواردة ولا سيما في الحديث الذي قبله عن أنس الطاعون شهادة لكل مسلم ولا يلزم من حصول درجة الشهادة لمن اجترح السيئات مساواة المؤمن الكامل في المنزلة لان درجات الشهداء متفاوتة كنظيره من العصاة إذا قتل مجاهدا في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا مقبلا غير مدبر ومن رحمه الله بهذه الأمة المحمدية أن يعجل لهم العقوبة في الدنيا ولا ينافي ذلك أن يحصل لمن وقع به الطاعون أجر الشهادة ولا سيما
(١٦٣)