وإن لو سلم أن الرواية ثابتة وأن الضمير له (قوله قالت فقلت أفلا أي تنشرت) وقع في رواية الحميدي فقلت يا رسول الله فهلا قال سفيان بمعنى تنشرت فبين الذي فسر المراد بقولها أفلا كأنه لم يستحضر اللفظة فذكره بالمعنى وظاهر هذا اللفظة أنه من النشرة وكذا وقع في رواية معمر عن هشام عند أحمد فقالت عائشة لو أنك تعني تنشر وهو مقتضى صنيع المصنف حيث ذكر النشرة في الترجمة ويحتمل أن يكون من النشر بمعنى الاخراج فيوافق رواية من رواه بلفظ فهلا أخرجته ويكون لفظ هذه الرواية هلا استخرجت وحذف المفعول للعلم به ويكون المراد بالمخرج ما حواه الجف لا الجف نفسه فيتأيد الجمع المقدم ذكره * (تكميل) * قال ابن القيم من أنفع الأدوية وأقوى ما يوجد من النشرة مقاومة السحر الذي هو من تأثيرات الأرواح الخبيثة بالأدوية الإلهية من الذكر والدعاء والقراءة فالقلب إذا كان ممتلئا من الله معمورا بذكره وله ورد من الذكر والدعاء والتوجه لا يخل به كان ذلك من أعظم الأسباب المانعة من إصابة السحر له قال وسلطان تأثير السحر هو في القلوب الضعيفة ولهذا غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال لان الأرواح الخبيثة إنما تنشط على أرواح تلقاها مستعدة لما يناسبها انتهى ملخصا ويعكر عليه حديث الباب وجواز السحر على النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم مقامه وصدق توجهه وملازمة ورده ولكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب وأنما وقع به صلى الله عليه وسلم لبيان تجويز ذلك والله أعلم (قوله باب السحر) كذا وقع هنا للكثير وسقط لبعضهم وعليه جرى ابن بطال والإسماعيلي وغيرهما وهو الصواب لان الترجمة قد تقدمت بعينها قبل ببابين ولا يعهد ذلك للبخاري إلا نادرا عند بعض دون بعض وذكر حديث عائشة من رواية أبي أسامة فاقتصر الكثير منه على بعضه من أوله إلى قوله يفعل الشئ وما فعله وفي رواية الكشميهني أنه فعل الشئ وما فعله ووقع سياق الحديث بكماله في رواية الكشميهني والمستملي وكذا صنع النسفي وزاد في آخره طريق يحيى القطان عن هشام إلى قوله صنع شيئا ولم يصنعه وقد تقدم سندا ومتنا لغيره في كتاب الجزية وأغفل المزي في الأطراف ذكرها هنا وذكر هنا رواية الحميدي عن سفيان ولم أرها ولا ذكرها أبو مسعود في أطرافه واستدل بهذا الحديث على أن الساحر لا يقتل حدا إذا كان له عهد وأما ما أخرجه الترمذي من حديث جندب رفعه قال حد الساحر ضربه بالسيف ففي سنده ضعف فلو ثبت لخص منه من له عهد وتقدم في الجزية من رواية بجالة أن عمر كتب إليهم أن اقتلوا كل ساحر وساحرة وزاد عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار في روايته عن بجالة فقتلنا ثلاث سواحر أخرج البخاري أصل الحديث دون قصة قتل السواحر قال ابن بطال لا يقتل ساحر أهل الكتاب عند مالك والزهري إلا أن يقتل بسحره فيقتل وهو قول أبي حنيفة والشافعي وعن مالك إن أدخل بسحره ضررا على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحل قتله وإنما لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم لبيد بن الأعصم لأنه كان لا ينتقم لنفسه ولأنه خشي إذا قتله أن تثور بذلك فتنة بين المسلمين وبين حلفائه من الأنصار وهو من نمط ما راعاه من ترك قتل المنافقين سواء كان لبيد يهوديا أو منافقا على ما مضى من الاختلاف فيه قال وعند مالك أن حكم الساحر حكم الزنديق فلا تقبل توبته ويقتل حدا إذا ثبت عليه ذلك وبه قال أحمد وقال الشافعي لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره فيقتل به فإن اعترف أن سحره قد يقتل وقد
(٢٠١)