الدنيا في الصمت وفى سنده ضعف وقد يقول ما لا يتحققه مما لا سبيل له إلى الاطلاع عليه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فليقل احسب وذلك كقوله انه ورع ومنق وزاهد بخلاف ما لو قال رايته يصلى أو يحج أو يزكن فإنه يمكنه الاطلاع على ذلك ولكن تبقى الآفة على الممدوح فإنه لا يأمن ان يحدث فيه المدح كبرا أو اعجابا أو يكله على ما شهره به المادح فيفتر عن العمل لان الذي يستمر في العمل غالبا هو الذي يعد نفسه مقصرا فان سلم المدح من هذه الأمور لم يكن به باس وربما كان مستحبا قال ابن عيينة من عرف نفسه لم يضره المدح وقال بعض السلف إذا مدح الرجل في وجهه فليقل اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون أخرجه البيهقي في الشعب (قوله باب من اثنى على أخيه بما يعلم) أي فهو جائز ومستثنى من الذي قبله والضابط ان لا يكون في المدح مجازفة ويؤمن على الممدوح الاعجاب والفتنة كما تقدم (قوله وقال سعد) هو ابن أبي وقاص وقد تقدم الحديث المذكور موصولا في مناقب عبد الله بن سلام من كتاب المناقب ثم ذكر فيه حديث ابن عمر موصولا في قصة جر الازار فقال أبو بكر ان إزاري يسقط من أحد شقيه قال إنك لست منهم وقد تقدم ابسط من هذا في كتاب اللباس وفى لفظ انك لست ممن نفعل ذلك خيلاء وهذا من جملة المدح لكنه لما كان صدقا محضا وكان الممدوح يؤمن معه الاعجاب والكبر مدح به ولا يدخل ذلك في المنع ومن جملة ذلك الأحاديث المتقدمة في مناقب الصحابة ووصف كل واحد منهم بما وصف به من الأوصاف الجميلة كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر ما لقيك الشيطان سالكا فجا الا سلك فجا غير فجك وقوله للأنصاري عجب الله من صنعكما وغير ذلك من الاخبار (قوله باب قول الله تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان الآية) كذا الابى ذر والنسفي وساق الباقون إلى تذكرون وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق أبى الضحى قال قال شتير بن شكل لمسروق حدث يا أبا عائشة وأصدقك قال هل سمعت عبد الله بن مسعود يقول ما في القرآن آية أجمع لحلال وحرام وامر ونهى من هذه الآية ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى قال نعم وسنده صحيح (قوله وقوله انما بغيكم على أنفسكم) أي ان اثم البغى وعقوبة البغى على الباغي اما عاجلا واما آجلا (قوله وقوله ثم بغى عليه لينصرنه الله) كذا في رواية كريمة والأصيلي على وفق التلاوة وكذا في رواية النسفي وأبي ذر وللباقين ومن بغى عليه وهو سبق فلم اما من المصف واما ممن بعده كما أن المطابق للتلاوة اما من المصنف واما من اصلاح من بعده وإذا لم تتفق الروايات على شئ فمن جزم بان الوهم من المصنف فقد تحامل عليه قال الراغب البغى مجاوزة القصد في الشئ فمنه ما يحمد ومنه ما يذم فالمحمود مجاوزة العدل الذي هو الاتيان بالمأمور بغير زيادة فيه ولا نقصان منه إلى الاحسان وهو الزيادة عليه ومنه الزيادة على الفرض بالتطوع المادون فيه والمذموم مجاوزة العدل إلى الجور والحق إلى الباطل والمباح إلى الشبهة ومع ذلك فأكثر ما يطلق البغى على المذموم قال الله تعالى انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق وقال تعالى انما بغيكم على أنفسكم وقال تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد وإذا اطلق البغى وأريد به المحمود يزاد فيه غالبا التاء كما قال تعالى فابتغوا عند الله الرزق وقال تعالى
(٣٩٩)