لا يقتل وأنه سحره وأنه مات لم يجب عليه القصاص ووجبت الدية في ماله لا على عاقلته ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة وادعى أبو بكر الرازي في الاحكام أن الشافعي تفرد بقوله إن الساحر يقتل قصاصا إذا اعترف أنه قتله بسحره والله أعلم قال النووي إن كان في السحر قول أو فعل يقتضي الكفر كفر الساحر وتقبل توبته إذا تاب عندنا وإذا لم يكن في سحره ما يقتضي الكفر عزر واستتيب (قوله باب أن من البيان سحرا) في رواية الكشميهني والأصيلي السحر (قوله قدم رجلان) لم أقف على تسميتهما صريحا وقد زعم جماعة أنها الزبرقان بكسر الزاي والراء بينهما موحدة ساكنة وبالقاف واسمه الحصين ولقب الزبرقان لحسنه والزبرقان من أسماء القمر وهو ابن بدر بن امرئ القيس بن خلف وعمرو بن الأهيم واسم الأهيم سنان بن سمي يجتمع مع الزبرقان في كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم فهما تميميان قدما في وفد بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة واستندوا في تعيينهما إلى ما أخرجه البيهقي في الدلائل وغيره من طريق مقسم عن ابن عباس قال جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو ابن الأهيم وقيس بن عاصم ففخر الزبرقان فقال يا رسول الله أنا سيد بني تميم والمطاع فيهم والمجاب أمنعهم من الظلم وآخذ منهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك يعني عمرو بن الأهيم فقال عمرو أنه لشديد العارضة مانع لجانبه مطاع في أذنيه فقال الزبرقان والله يا رسول الله لقد علم من غير ما قال وما منعه أن يتكلم إلا الحسد فقال عمرو أنا أحسدك والله يا رسول الله أنه لئيم الخال حديث المال أحمق الوالد مضيع في العشيرة والله يا رسول الله لقد صدقت في الأولى وما كذبت في الآخرة ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن من البيان سحرا وأخرجه الطبراني من حديث أبي بكرة قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وفد بني تميم عليهم قيس بن عاصم والزبرقان وعمرو بن الأهيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو ما تقول في الزبرقان فذكر نحوه وهذا لا يلزم منه أن يكون الزبرقان وعمرو هما المراد بحديث ابن عمر فإن المتكلم إنما هو عمرو بن الأهيم وحده وكان كلامه في مراجعته الزبرقان فلا يصح نسبة الخطبة إليهما إلا على طريق التجوز (قوله من المشرق) أي من جهة المشرق وكانت سكنى بني تميم من جهة العراق وهي في شرقي المدينة (قوله فخطبا فعجب الناس لبيانهما) قال الخطابي البيان اثنان أحدهما ما تقع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان والآخر ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب وغلب على النفس حتى يحول الشئ عن حقيقته ويصرفه عن جهته فيلوح للناظر في معرض غيره وهذا إذا صرف إلى الحق يمدح وإذا صرف إلى الباطل يذم قال فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم وتعقب بأنه لا مانع من تسمية الآخر سحرا لان السحر يطلق على الاستمالة كما تقدم تقريره في أول باب السحر وقد حمل بعضهم الحديث على المدح والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ وهذا واضح إن صح أن الحديث ورد في قصة عمرو بن الأهيم وحمله بعضهم على الذم لم تصنع في الكلام وتكلف لتحسينه وصرف الشئ عن ظاهره فشبه بالسحر الذي هو تخييل لغير حقيقة وإلى هذا أشار مالك حيث أدخل هذا الحديث في الموطأ في باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله وتقدم في باب الخطبة من كتاب النكاح في الكلام على حديث الباب من قول
(٢٠٢)