أنا وجدناه لبحرا أي لسرعة جريه وقد تقدم شرحه في كتاب الجهاد وكأنه استشهد بحديثي أنس لجواز التعريض والجامع بين التعريض وبين ما دل عليه استعمال اللفظ في غير ما وضع له لمعنى جامع بينهما قال ابن المنير حديث القوارير والفرس ليسا من المعاريض بل من المجاز فكأنه لما رأى ذلك جائزا قال فالمعاريض التي هي حقيقة أولى بالجواز قال ابن بطال شبه جرى الفرس بالبحر إشارة إلى أنه لا ينقطع يعني ثم أطلق صفة الجري على نفس الفرس مجازا قال وهذا أصل في جواز استعمال المعاريض ومحل الجواز فيما يخلص من الظلم أو يحصل الحق وأما استعمالها في عكس ذلك من إبطال الحق أو تحصيل الباطل فلا يجوز وأخرج الطبري من طريق محمد بن سيرين قال كان رجل من باهلة عيونا أي كثير الإصابة بالعين فرأى بغلة لشريح فأعجب بها فخشي شريح عليها فقال إنها إذا ربضت لا تقوم حتى تقام فقال أف أف فسلمت منه وإنما أراد شريح بقوله حتى تقام أي حتى يقيمها الله تعالى (قوله باب قول الرجل للشئ ليس بشئ وهو ينوي أنه ليس بحق) ذكر فيه حديثين * الأول (قوله وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم للقبرين يعذبان بلا كبير وأنه لكبير) وهذا طرف من حديث تقدم في كتاب الطهارة وتقدم شرحه أيضا وتقدم أيضا في باب النميمة من الكبائر من كتاب الأدب بلفظ وما يعذبان في كبير وأنه لكبير * الثاني حديث عائشة في الكهان ليسوا بشئ وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب الطب قال الخطابي معنى قوله ليسوا بشئ فيما يتعاطونه من علم الغيب أي ليس قولهم بشئ صحيح يعتمد كما يعتمد قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن الوحي وهو كما يقال لمن عمل عملا غير متقن أو قال قولا غير سديد ما علمت أو ما قلت شيئا وقال ابن بطال نحوه وزاد إنهم يريدون بذلك المبالغة في النفي وليس ذلك كذبا وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا والمراد بالذكر هنا القدر والشرف أي كان موجودا ولكن لم يكن له قدر يذكر به إما وهو مصور من طين على قول من قال المراد به آدم أو في بطن أمه على قول من قال أن المراد به الجنس (قوله باب رفع البصر إلى السماء وقوله تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) كذا لأبي ذر وزاد وزاد الأصيلي وغيره وإلى السماء كيف رفعت وهذا القدر هو المراد من الترجمة وكأن المصنف أشار إلى ما جاء في النهي عن ذلك وقال ابن التين غرض البخاري الرد على من كره أن يرفع بصره إلى السماء كما أخرجه الطبري عن إبراهيم التيمي وعن عطاء السلمي أنه مكث أربعين سنة لا ينظر إلى السماء تخشعا نعم صح النهي عن رفع البصر إلى السماء في حالة الصلاة كما تقدم في الصلاة عن أنس رفعه ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهين عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ولمسلم عن جابر بن سمرة نحوه ولابن ماجة عن ابن عمر نحوه وقال أن تلتمع وصححه ابن حبان وحاصل طريق الجمع بين الحديثين أن النهي خاص بحالة الصلاة وقد تكلم أهل التفسير في تخصيص الإبل بالذكر دون غيرها من الدواب بأشياء امتازت به وذكر بعضهم أنه اسم السحاب فإن ثبت فمناسبتها للسماء والأرض ظاهرة فكأنه ذكر شيئين من الأفق العلوي وشيئين من الأفق السفلي في كل منهما ما يعتبر به من وفقه الله تعالى إلى الحق (قوله وقال أيوب) هو السختياني (عن ابن أبي مليكة عن عائشة رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء) وقع هذا التعليق لأبي ذر عن
(٤٩١)