والسباب بكسر المهملة وتخفيف الموحدة تقدم بيانه مع شرح الحديث الأول في كتاب الايمان وهو محتمل لان يكون على ظاهر لفظه من التفاعل ويحتمل أن يكون بمعنى السب وهو الشتم وهو نسبة الانسان إلى عيب ما وعلى الأول فحكم من بدأ منهما أن الوزر عليه حتى يعتدى الثاني كما ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة وصحح ابن حبان من حديث العرباض بن سارية قال المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان وقوله في آخر الحديث الأول تابعه محمد بن جعفر عن شعبة وصله أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر وهو غندر بهذا الاسناد لكن قال فيه عن شعبة عن زبيد ومنصور وزاد فيه زبيدا وهو بالزاي والموحدة مصغر ومعنى اللعن الدعاء بالابعاد من رحمة الله تعالى * الحديث الثاني (قوله عن الحسين) هو ابن ذكوان المعلم والاسناد إلى أبي ذر بصريون وقد دخلها هو أيضا وفى رواية مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا الحسين المعلم (قوله عن أبي ذر) في رواية الإسماعيلي من وجهين عن أبي معمر شيخ البخاري فيه بالسند إلى أبى الأسودان أبا ذر حدثه (قوله لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبه كما قال 1) وفى رواية للإسماعيلي الاحار عليه وفى أخرى الا ارتدت عليه يعنى رجعت عليه وحار بمهملتين أي رجع وهذا يقتضي أن من قال لآخر أنت فاسق أو قال له أنت كافر فإن كان ليس كما قال كان هو المستحق للوصف المذكور وأنه إذا كان كما قال لم يرجع عليه شئ لكونه صدق فيما قال ولكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقا ولا كافرا أن لا يكون آثما في صورة قوله له أنت فاسق بل في هذه الصورة تفصيل إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز وأن قصد تعييره وشهرته بذلك ومحض أذاه لم يجز لأنه مأمور بالستر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى فمهما أمكنه ذلك بالرفق لا يجوز له أن يفعله بالعنف لأنه قد يكون سببا لاغرائه وإصراره على ذلك الفعل كما في طبع كثير من الناس من الآنفة لا سيما إن كان الآمر دون المأمور في المنزلة ووقع في رواية مسلم بلفظ ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه ذكره في أثناء حديث في ذم من ادعى إلى غير أبيه وقد تقدم صدره في مناقب قريش بالاسناد المذكور هنا فهو حديث واحد فرقه البخاري حديثين وسيأتي هذا المتن في باب من أكفر أخاه بغير تأويل من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عمر بلفظ فقد باء بها أحدهما وهو بمعنى رجع أيضا قال النووي اختلف في تأويل هذا الرجوع فقيل رجع عليه الكفر إن كان مستحلا وهذا بعيد من سياق الخبر وقيل محمول على الخوارج لانهم يكفرون المؤمنين هكذا نقله عياض عن مالك وهو ضعيف لأن الصحيح عند الأكثرين أن الخوارج لا يكفرون ببدعتهم (قلت) ولما قاله مالك وجه وهو أن منهم من يكفر كثيرا من الصحابة ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وبالايمان فيكون تكفيرهم من حيث تكذيبهم للشهادة المذكورة لا من مجرد صدور التكفير منهم بتأويل كما سيأتي إيضاحه في باب من أكفر أخاه بغير تأويل والتحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم وذلك قبل وجود فرقة الخوارج وغيرهم وقيل معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره وهذا لا بأس به وقيل يخشى عليه أن يؤل به ذلك إلى الكفر كما قيل المعاصي بريد الكفر فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الاسلام ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك كما سيأتي تقريره فمعنى
(٣٨٨)