إذا عطس وضع يده على فيه وخفض صوته وله شاهد من حديث ابن عمر بنحوه عند الطبراني قال ابن دقيق العيد ومن فوائد التشميت تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكبر والحمل على التواضع لما في ذكر الرحمة من الاشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين (قوله باب تشميت العاطس إذا حمد الله) أي مشروعية التشميت بالشرط المذكور ولم يعين الحكم وقد ثبت الامر بذلك كما في حديث الباب قال ابن دقيق العيد ظاهر الامر الوجوب ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة الذي في الباب الذي يليه فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته وفي حديث أبي هريرة عند مسلم حق المسلم على المسلم ست فذكر فيها وإذا عطس فحمد الله فشمته وللبخاري من وجه آخر عن أبي هريرة خمس تجب للمسلم على المسلم فذكر منها التشميت وهو عند مسلم أيضا وفي حديث عائشة عند أحمد وأبي يعلى إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل من عنده يرحمك الله ونحوه عند الطبراني من حديث أبي مالك وقد أخذ بظاهرها ابن مزين من المالكية وقال به جمهور أهل الظاهر وقال ابن أبي جمرة قال جماعة من علمائنا إنه فرض عين وقواه ابن القيم في حواشي السنن فقال جاء بلفظ الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه وبلفظ على الظاهرة فيه وبصيغة الامر التي هي حقيقة فيه وبقول الصحابي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ورجحه أبو الوليد بن رشد وأبو بكر ابن العربي وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة وذهب عبد الوهاب وجماعة من المالكية إلى أنه مستحب ومجزئ الواحد عن الجماعة وهو قول الشافعية والراجح من حيث الدليل القول الثاني والأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب لا تنافي كونه على الكفاية فإن الامر بتشميت العاطس وإن ورد في عموم المكلفين ففرض الكفاية يخاطب به الجميع على الأصح ويسقط بفعل البعض وأما من قال إنه فرض على مبهم فإنه ينافي كونه فرض عين (قوله فيه أبو هريرة) يحتمل أن يريد به حديث أبي هريرة المذكور في الباب الذي بعده ويحتمل أن يريد به حديث أبي هريرة الذي أوله حق المسلم على المسلم ست وقد أشرت إليه قبل وأن مسلما أخرجه ثم ذكر المصنف حديث البراء أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس الحديث وقد تقدم شرح معظمه في كتاب اللباس قال ابن بطال ليس في حديث البراء التفصيل الذي في الترجمة وإنما ظاهره أن كل عاطس يشمت على التعميم قال وإنما التفصيل في حديث أبي هريرة الآني قال وكان ينبغي له أن يذكره بلفظه في هذا الباب ويذكر بعده حديث البراء ليدل على أن حديث البراء وإن كان ظاهره العموم لكن المراد به الخصوص ببعض العاطسين وهم الحامدون قال وهذا من الأبواب التي أعجلته المنية عن تهذيبها كذا قال والواقع أن هذا الصنيع لا يختص بهذه الترجمة بل قد أكمل منه البخاري في الصحيح فطالما ترجم بالتقييد والتخصيص كما في حديث الباب من إطلاق أو تعميم ويكتفي من دليل التقييد والتخصيص بالإشارة إما لما وقع في بعض طرق الحديث الذي يورده أو في حديث آخر كما صنع في هذا الباب فإنه أشار بقوله فيه أبو هريرة إلى ما ورد في حديثه من تقييد الامر بتشميت العاطس بما إذا حمد وهذا أدق التصرفين ودل إكثاره من ذلك على أنه عن عمد منه لا أنه مات قبل تهذيبه
(٤٩٧)