الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على كل مكلف رجلا كان أو امرأة ولا يلتحق ذلك بالحلي للنساء لأنه ليس من التزين الذي أبيح لها في شئ قال القرطبي وغيره في الحديث تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب ويلحق بهما ما في معناهما مثل التطيب والتكحل وسائر وجوه الاستعمالات وبهذا قال الجمهور وأغربت طائفة شذت فأباحت ذلك مطلقا ومنهم من قصر التحريم على الأكل والشرب ومنهم من قصره على الشرب لأنه لم يقف على الزيادة في الاكل قال واختلف في علة المنع فقيل إن ذلك يرجع إلى عينهما ويؤيده قوله هي لهم وإنها لهم وقيل لكونهما الأثمان وقيم المتلفات فلو أبيح استعمالهما لجاز اتخاذ الآلات منهما فيفضي إلى قلتهما بأيدي الناس فيجحف بهم ومثله الغزالي بالحكام الذين وظيفتهم التصرف لاظهار العدل بين الناس فلو منعوا التصرف لأخل ذلك بالعدل فكذا في اتخاذ الأواني من النقدين حبس لهما عن التصرف الذي ينتفع به الناس ويرد على هذا جواز الحلي للنساء من النقدين ويمكن الانفصال عنه وهذه العلة هي الراجحة عند الشافعية وبه صرح أبو علي السنجي وأبو محمد الجويني وقيل علة التحريم السرف والخيلاء أو كسر قلوب الفقراء ويرد عليه جواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة ولم يمنعها إلا من شذ وقد نقل ابن الصباغ في الشامل الاجماع على الجواز وتبعه الرافعي ومن بعده لكن في زوائد العمراني عن صاحب الفروع نقل وجهين وقيل العلة في المنع تشبه بالأعاجم وفي ذلك نظر لثبوت الوعيد لفاعله ومجرد التشبه لا يصل إلى ذلك واختلف في اتخاذ الأواني دون استعمالها كما تقدم والأشهر المنع وهو قول الجمهور ورخصت فيه طائفة وهو مبني على العلة في منع الاستعمال ويتفرع على ذلك غرامة أرش ما أفسد منها وجواز الاستئجار عليها (قوله باب الشرب في الاقداح) أي هل يباح أو يمنع لكونه من شعار الفسقة ولعله أشار إلى أن الشرب فيها وأن كان من شعار الفسقة لكن ذلك بالنظر إلى المشروب وإلى الهيئة الخاصة بهم فيكره التشبه بهم ولا يلزم من ذلك كراهة الشرب في القدح إذا سلم من ذلك (قوله حدثنا عمرو بن عباس) بمهملتين وموحدة وشيخه عبد الرحمن هو ابن مهدي وقد تقدم التنبيه على حديث أم الفضل المذكور قريبا وتقدم أنه مر مشروحا في كتاب الصيام (قوله باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم) أي تبركا به قال ابن المنير كأنه أراد بهذه الترجمة دفع توهم من يقع في خياله أن الشرب في قدح النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته تصرف في ملك الغير بغير إذن فبين أن السلف كانوا يفعلون ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث وما تركه فهو صدقة ولا يقال إن الأغنياء كانوا يفعلون ذلك والصدقة لا تحل للغني لان الجواب أن الممتنع على الأغنياء من الصدقة هو المفروض منها وهذا ليس من الصدقة المفروضة (قلت) وهذا الجواب غير مقنع والذي يظهر أن الصدقة المذكورة من جنس الأوقاف المطلقة ينتفع بها من يحتاج إليها وتقر تحت يد من يؤتمن عليها ولهذا كان عند سهل قدح وعند عبد الله بن سلام آخر والجبة عند أسماء بنت أبي بكر وغير ذلك (قوله وقال أبو بردة) هو ابن أبي موسى الأشعري (قوله قال لي عبد الله بن سلام) هو الصحابي المشهور ولام سلام مخففة (قوله ألا) بتخفيف اللام للعرض وهذا طرف من حديث سيأتي موصولا في كتاب الاعتصام من طريق بريد بن
(٨٥)