وأما المؤمن المغفل فقد يلدغ مرارا (قوله من جحر) زاد في رواية الكشميهني والسرخسي واحد ووقع في بعض النسخ من جحر حية وهي زيادة شاذة قال ابن بطال وفيه أدب شريف أدب به النبي صلى الله عليه وسلم أمته ونبههم كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وفي معناه حديث المؤمن كيس حذر أخرجه صاحب مسند الفردوس من حديث أنس بسند ضعيف قال وهذا الكلام مما لم يسبق إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأول ما قاله لأبي عزة الجمحي وكان شاعرا فأسر ببدر فشكى عائلة وفقرا فمن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء فظفر به بأحد فقال من علي وذكر فقره وعياله فقال لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين وأمر به فقتل وأخرج قصته ابن إسحاق في المغازي بغير إسناد وقال ابن هشام في تهذيب السيرة بلغني عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حينئذ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وصنيع أبي عبيد في كتاب الأمثال مشكل على قول ابن بطال أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من قال ذلك ولذلك قال ابن التين أنه مثل قديم وقال التوربشتي هذا السبب يضعف الوجه الثاني يعني الرواية بكسر الغين على النهي وأجاب الطيبي بأنه يوجه بأن يكون صلى الله عليه وسلم لما رأى من نفسه الزكية الميل إلى الحلم جرد منها مؤمنا حازما فنهاه عن ذلك يعني ليس من سيمة المؤمن الحازم الذي يغضب لله أن ينخدع من الغادر المتمرد فلا يستعمل الحلم في حقه بل ينتقم منه ومن هذا قول عائشة ما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها قال فيستفاد من هذا أن الحلم ليس محمودا مطلقا كما أن الجود ليس محمودا مطلقا وقد قال تعالى في وصف الصحابة أشداء على الكفار رحماء بينهم قال وعلى الوجه الأول وهو الرواية بالرفع فيكون إخبارا محضا لا يفهم هذا الغرض المستفاد من هذه الرواية فتكون الرواية بصيغة النهي أرجح والله أعلم (قلت) ويؤيده حديث احترسوا من الناس بسوء الظن أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق أنس وهو من رواية بقية بالعنعنة عن معاوية بن يحيى وهو ضعيف فله علتان وصح من قول مطرف التابعي الكبير أخرجه مسدد (قوله باب حق الضيف) * (قوله حسين) هو المعلم وقد تقدم الحديث مشروحا في كتاب الصيام والغرض منه قوله وأن لزورك عليك حقا والزور بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء الزائر وقد بسط القول فيه في الباب الذي يليه (قوله باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه وقوله تعالى ضيف إبراهيم المكرمين) يشير إلى أن لفظ ضيف يكون واحدا وجمعا وجمع القلة أضياف والكثرة ضيوف وضيفان (قوله قال أبو عبد الله يقال هو زور وهؤلاء زور وضيف ومعناه أضيافه وزواره لأنها مصدر مثل قوم رضا وعدل ويقال ماء غور وبئر غور وما آن غور ومياه غور) قلت ثبت هذا في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني فقط وهو مأخوذ من كلام الفراء قال في معاني القرآن قوله تعالى قال أرأيتم ان أصبح ماؤكم غورا العرب تقول ماء غور وما آن غور ومياه غور ولا يجمعون غورا ولا يثنونه فلم يقولوا ما آن غوران ولا مياه أغوار وهو بمنزلة الزور يقال هؤلاء زور فلان وضيف فلان معناه أضيافه وزواره وذلك لأنه مصدر فأجرى على مثل قولهم قوم عدل وقوم رضا ومقنع وقال غيره الزور جمع زائر كراكب وركب (قلت) وهذا قول أبي عبيدة وجزم به في الصحاح (قوله ويقال الغور الغائر لا تناله الدلاء كل شئ غرت فيه فهو مغارة) هو كلام أبي عبيدة أيضا وقال أبو عبيدة غور أي غائر والغور مصدر
(٤٤٠)