هذا الباب ليكون عوضا عن حديث ابن عمر كل مسكر حرام وإنما لم يذكره في هذا الباب لكونه روى موقوفا كذا قال وفيه نظر لان في الوعيد قدرا زائدا على مطلق التحريم وقد ذكر البخاري ما يؤدي معنى حديث ابن عمر كما سيأتي قريبا (قوله قال ابن شهاب) هو موصول بالاسناد المذكور (قوله إن أبا بكر أخبره) هو والد عبد الملك شيخ ابن شهاب فيه (قوله ثم يقول كان أبو بكر) هو ابن عبد الرحمن المذكور والمعنى أنه كان يزيد ذلك في حديث أبي هريرة وقد مضى بيان ذلك عند ذكر شرح الحديث في كتاب المظالم ويأتي مزيد لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى (قوله باب الخمر من العنب وغيره) كذا في شرح ابن بطال ولم أر لفظ وغيره في شئ من نسخ الصحيح ولا المستخرجات ولا الشروح سواه قال ابن المنير غرض البخاري الرد على الكوفيين إذ فرقوا بين ماء العنب وغيره فلم يرحموا من غيره إلا القدر المسكر خاصة وزعموا أن الخمر ماء العنب خاصة قال لكن في استدلاله بقول ابن عمر يعني الذي أورده في الباب حرمت الخمر وما بالمدينة منها شئ على أن الأنبذة التي كانت يومئذ تسمى خمرا نظر بل هو بأن يدل على أن الخمر من العنب خاصة أجدر لأنه قال وما منها بالمدينة شئ يعني الخمر وقد كانت الأنبذة من غير العنب موجودة حينئذ بالمدينة فدل على أن الأنبذة ليست خمرا إلا أن يقال أن كلام ابن عمر يتنزل على جواب قول من قال لا خمر إلا من العنب فيقال قد حرمت الخمر وما بالمدينة من خمر العنب شئ بل كان الموجود بها من الأشربة ما يصنع من البسر والتمر ونحو ذلك وفهم الصحابة من تحريم الخمر تحريم ذلك كله ولولا ذلك ما بادروا إلى إراقتها (قلت) ويحتمل أن يكون مراد البخاري بهذه الترجمة وما بعدها أن الخمر يطلق على ما يتخذ من عصير العنب ويطلق على نبيذ البسر والتمر ويطلق على ما يتخذ من العسل فعقد لكل واحد منها بابا ولم يرد حصر التسمية في العنب بدليل ما أورده بعده ويحتمل أن يريد بالترجمة الأولى الحقيقة وبما عداها المجاز والأول أظهر من تصرفه وحاصله أنه أراد بيان الأشياء التي وردت فيها الاخبار على شرطه لما يتخذ منه الخمر فبدأ بالعنب لكونه المتفق عليه ثم أردفه بالبسر والتمر والحديث الذي أورده فيه عن أنس ظاهر في المراد جدا ثم ثلث بالعسل إشارة إلى أن ذلك لا يختص بالتمر والبسر ثم أتى بترجمة عامة لذلك وغيره وهي الخمر ما خامر العقل والله أعلم وفيه إشارة إلى ضعف الحديث الذي جاء عن أبي هريرة مرفوعا الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة أو أنه ليس المراد به الحصر فيهما والمجمع على تحريمه عصير العنب إذا أشتد فإنه يحرم تناول قليله وكثيره بالاتفاق وحكى ابن قتيبة عن قوم من مجان أهل الكلام أن النهي عنها للكراهة وهو قول مهجور لا يلتفت إلى قائله وحكى أبو جعفر النحاس عن قوم أن الحرام ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ليس بحرام قال وهذا عظيم من القول يلزم منه القول بحل كل شئ اختلف في تحريمه ولو كان مستند الخلاف واهيا ونقل الطحاوي في اختلاف العلماء عن أبي حنيفة الخمر حرام قليلها وكثيرها والسكر من غيرها حرام وليس كتحريم الخمر والنبيذ المطبوخ لا بأس به من أي شئ كان وإنما يحرم منه القدر الذي يسكر وعن أبي يوسف لا بأس بالنقيع من كل شئ وإن غلى إلا الزبيب والتمر قال وكذا حكاه محمد عن أبي حنيفة وعن محمد ما أسكر كثيره فأحب إلي أن لا أشربه ولا أحرمه وقال الثوري أكره نقيع التمر ونقيع الزبيب إذا غلي ونقيع العسل لا بأس به (قوله حدثني الحسن
(٢٩)