في الأطعمة ما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام معناه لم يقل لا منعا للعطاء ولا يلزم من ذلك أن لا يقولها اعتذارا كما في قوله تعالى قلت لا أجد ما أحملكم عليه ولا يخفى الفرق بين قول لا أجد ما أحملكم وبين لا أحملكم (قلت) وهو نظير ما تقدم في حديث أبي موسى الأشعري لما سأل الأشعريون الحملان فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما عندي ما أحملكم لكن يشكل على ما تقدم أن في حديث الأشعري المذكور أنه صلى الله عليه وسلم حلف لا يحملهم فقال والله لا أحملكم فيمكن أن يخص من عموم حديث جابر بما إذا سئل ما ليس عنده والسائل يتحقق أنه ليس عنده ذلك أو حيث كان المقام لا يقتضى الاقتصار على السكوت من الحالة الواقعة أو من حال السائل كان يكون لم يعرف العادة فلوا اقتصر في جوابه على السكوت مع حاجة السائل لتمادي على السؤال مثلا ويكون القسم على ذلك تأكيد القطع طمع السائل والسرفي الجمع بين قوله لا أجد ما أحملكم وقوله والله لا أحملكم ان الأول لبيان ان الذي سأله لم يكن موجودا عنده والثاني انه لا يتكلف الإجابة إلى ما سئل بالقرض مثلا أو بالاستيهاب إذ لا اضطرار حينئذ إلى ذلك وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الايمان والنذور وفهم بعضهم من لازم عدم قول لا اثبات نعم ورتب عليه أنه يلزم منه تحريم البخل لان من القواعد أنه صلى الله عليه وسلم إذا وظب على شئ كان ذلك علامة وجوبه والترجمة تقتضي أن البخل مكروه وأجيب بأنه إذا تم هذا البحث حملت الكراهة على التحريم لكنه لا يتم لان الذي يحرم من البخل ما يمنع الواجب سلمنا أنه يدل على الوجوب لكن على من هو في مقام النبوة إذ مقابله نقص منزه عنه الأنبياء فيختص الوجوب بالنبي صلى الله عليه وسلم والترجمة تتضمن أن من البخل ما يكره ومقابله أن منه ما يحرم كما أن فيه ما يباح بل ويستحب بل ويجب فلذلك اقتصر المصنف على قوله يكره * الحديث الخامس حديث مسروق كنا جلوسا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ورجاله إلى الصحابة كوفيون وقد دخلها كما تقدم صريحا في هذا الحديث في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (قوله لم يكن فاحشا) تقدم شرحه في الباب المذكور وهو الحديث السادس عشر منه وقوله فيه ان خياركم أحاسنكم أخلاقا في رواية الكشميهني أحسنكم ووقع في الرواية الماضية أن من خياركم وهي مرادة هنا وقد أخرج أبو يعلى من حديث أنس رفعه أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وللترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة رقعه ان من أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا ولأحمد بسند رجاله ثقات من حديث جابر بن سمرة نحوه بلفظ أحسن الناس إسلاما وللترمذي من حديث جابر رفعه إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولأحمد والطبراني وصححه ابن حبان من حديث أبي ثعلبة نحوه وقال أحاسنكم أخلاقا وسياقه أتم وللبخاري في الأدب المفرد وابن حبان والحاكم والطبراني من حديث أسامة بن شريك قالوا يا رسول الله من أحب عباد الله إلى الله قال أحسنهم خلقا وفي رواية عنه ما خير ما أعطى الانسان قال خلق حسن ومن الأحاديث الصحيحة في حسن الخلق حديث النواس بن سمعان رفعه البر حسن الخلق أخرجه مسلم والبخاري في الأدب المفرد وحديث أبي الدرداء رفعه ما شئ أثقل في الميزان من حسن الخلق أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وصححه هو وابن
(٣٨٢)