الراوي (قوله فيعين ذا الحاجة الملهوف) أي بالفعل أو بالقول أبهما (قوله فإن لم يفعل) أي عجزا أو كسلا (قوله فليأمر بالخير أو قال بالمعروف) هو شك من الراوي أيضا (قوله فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر الخ) قال ابن بطال فيه حجة لمن جعل الترك عملا وكسبا للعبد خلافا لمن قال من المتكلمين أن الترك ليس بعمل ونقل عن المهلب أنه مثل الحديث الآخر من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة (قلت) وسيأتي الكلام على شرح هذا الحديث في كتاب الرقاق أن الحسنة إنما تكتب لمن هم بالسيئة فلم يعملها إذا قصد بتركها الله تعالى وحينئذ فيرجع إلى العمل وهو فعل القلب وقد مضى هذا مع شرح الحديث مستوفى في كتاب الزكاة واستدل بظاهر الحديث الكعبي لقوله ليس في الشرع شئ يباح بل إما أجر وإما وزر فمن اشتغل بشئ عن المعصية فهو مأجور عليه قال ابن التين والجماعة على خلافه وقد ألزموه أن يجعل الزاني مأجورا لأنه يشتغل به عن غيره من المعصية (قلت) ولا يرد هذا عليه لأنه إنما أراد الاشتغال بغير المعصية نعم يمكن أن يرد عليه ما لو اشتغل بعمل صغيرة عن كبيرة كالقبلة والمعانقة عن الزنا وقد لا يرد عليه أيضا لان الذي يظهر أنه يريد الاشتغال بشئ مما لم يرد النص بتحريمه (قوله باب طيب الكلام) أصل الطيب ما تستلذه الحواس ويختلف باختلاف متعلقة قال ابن بطال طيب الكلام من جليل عمل البر لقوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن الآية والدفع قد يكون بالقول كما يكون بالفعل (قوله وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الكلمة الطيبة صدقة) هو طرف من حديث أورده المصنف موصولا في كتاب الصلح وفي كتاب الجهاد وقد تقدم الكلام عليه هناك في باب من أخذ بالركاب قال ابن بطال وجه كون الكلمة الطيبة صدقة أن إعطاء المال يفرح به قلب الذي يعطاه ويذهب ما في قلبه وكذلك الكلام الطيب فاشتبها من هذه الحيثية ثم ذكر حديث عدي بن حاتم وفيه اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة وقوله أخبرني عمرو كذا لهم وهو ابن مرة وقد تقدم الحديث من طريق شعبة عنه في كتاب الزكاة مع شرحه وخيثمة شيخ عمرو هو ابن عبد الرحمن وتقدم الحديث مبسوطا في علامات النبوة (قوله باب الرفق في الامر كله) الرفق بكسر الراء وسكون الفاء بعدها قاف هو لين الجانب بالقول والفعل والاخذ بالأسهل وهو ضد العنف وذكر فيه حديثين * أحدهما حديث عائشة في قصة اليهود لما قالوا السام عليكم وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب الاستئذان وقوله إن الله يحب الرفق في الامر كله في حديث عمرة عن عائشة عند مسلم أن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف والمعنى أنه يتأتى معه من الأمور ما لا يتأتى مع ضده وقيل المراد يثيب عليه ما لا يثيب على غيره والأول أوجه وله في حديث شريح بن هانئ عنها أن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ولا ينزع من شئ إلا شانه وفي حديث أبي الدرداء من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير الحديث وأخرجه الترمذي وصححه وابن خزيمة وفي حديث جرير عند مسلم من يحرم الرفق يحرم الخير كله وقوله فيه عن صالح هو ابن كيسان * ثانيهما حديث أنس في قصة الذي بال في المسجد وقد تقدم مشروحا في كتاب الطهارة وقوله لا تزرموه بضم أوله وسكون الزاي وكسر الراء من الازرام أي لا تقطعوا عليه بوله يقال زرم البول إذا انقطع وأزرمته قطعته
(٣٧٥)