أحمد من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا لا كسره ولا صورة إلا لطخها أي طمسها الحديث وفيه من عاد إلى صنعة شئ من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد وقال الخطابي إنما عظمت عقوبة المصور لان الصور كانت تعبد من دون الله ولان النظر إليها يفتن وبعض النفوس إليها تميل قال والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح وقيل يفرق بين العذاب والعقاب فالعذاب يطلق على ما يؤلم من قول أو فعل كالعتب والانكار والعقاب يختص بالفعل فلا يلزم من كون المصور أشد الناس عذابا أن يكون أشد الناس عقوبة هكذا ذكره الشريف المرتضى في الغرر وتعقب بالآية المشار إليها وعليها انبنى الاشكال ولم يكن هو عرج عليها فلهذا ارتضى التفرقة والله أعلم واستدل به أبو علي الفارسي في التذكرة على تكفير المشبهة فحمل الحديث عليهم وأنهم المراد بقوله المصورون أي الذين يعتقدون أن لله صورة وتعقب بالحديث الذي بعده في الباب بلفظ أن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون وبحديث عائشة الآتي بعد بابين بلفظ إن أصحاب هذه الصور يعذبون وغير ذلك ولو سلم له استدلاله لم يرد عليه الاشكال المقدم ذكره وخص بعضهم الوعيد الشديد بمن صور قاصدا أن يضاهي فإنه يصير بذلك القصد كافرا وسيأتي في باب ما وطئ من التصاوير بلفظ أشد الناس عذابا الذين يضاهون بخلق الله تعالى وأما من عداه فيحرم عليه ويأثم لكن إثمه دون إثم المضاهي (قلت) وأشد منه من يصور ما يعبد من دون الله كما تقدم وذكر القرطبي أن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام من كل شئ حتى أن بعضهم عمل صنعه من عجوة ثم جاع فأكله * الحديث الثاني (قوله عن عبيد الله) هو ابن عمر العمري (قوله إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) هو أمر تعجيز ويستفاد منه صفة تعذيب المصور وهو أن يكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه كما سيأتي تقريره في باب من صور صورة بعد أبواب (قوله باب نقض الصور) بفتح النون وسكون القاف بعدها معجمة والصور بضم المهملة وفتح الواو جمع صورة وحكى سكون الواو في الجمع أيضا ذكر فيه حديثين * الأول (قوله هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي (قوله عن يحيى) هو ابن أبي كثير وعمران بن حطان تقدم ذكره في أوائل كتاب اللباس وفي قوله أن عائشة حدثته رد علي ابن عبد البر في قوله إن عمران لم يسمع من عائشة وقد أخرج أبو داود الطيالسي في مسنده من رواية صالح بن سرح عن عمران سمعت عائشة فذكر حديثا آخر وفي الطبري الصغير بسند قوي من وجه آخر عن عمران قالت لي عائشة وتقدم في أوائل اللباس له حديث آخر فيه التصريح بسؤاله عائشة (قوله لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب) جمع صليب كأنهم سموا ما كانت فيه صورة الصليب تصليبا تسمية بالمصدر ووقع في رواية الإسماعيلي شيئا فيه تصليب وفي رواية الكشميهني تصاوير بدل تصاليب ورواية الجماعة أثبت فقد أخرجه النسائي من وجه آخر عن هشام فقال تصاليب وكذا أخرجه أبو داود من رواية أبان العطار عن يحيى بن أبي كثير وعلى هذا فيحتاج إلى مطابقة الحديث للترجمة والذي يظهر أنه استنبط من نقض الصليب نقض الصورة التي تشترك مع الصليب في المعنى وهو عبادتهما من دون الله فيكون المراد بالصور في الترجمة خصوص ما يكون من ذوات الأرواح بل أخص من ذلك (قوله إلا نقضه) كذا للأكثر ووقع في رواية أبان إلا قضبه بتقديم القاف ثم المعجمة ثم الموحدة
(٣٢٣)