بالسواد لغير الجهاد وبغير السواد ايهاما للصلاح لا لقصد الاتباع وتبيضها استعجالا للشيخوخة لقصد التعاظم على الاقران ونتفها إبقاء للمرودة وكذا تحذيفها ونتف الشيب ورجح النووي تحريمه لثبوت الزجر عنه كما سيأتي قريبا وتصفيفها طاقة طاقة تصنعا ومخيلة وكذا ترجيلها والتعرض لها طولا وعرضا على ما فيه من اختلاف وتركها شعثة إيهاما للزهد والنظر إليها إعجابا وزاد النووي وعقدها لحديث رويفع رفعه من عقد لحيته فإن محمدا منه برئ الحديث أخرجه أبو داود قال الخطابي قيل المراد عقدها في الحرب وهو من زي الأعاجم وقيل المراد معالجة الشعر لينعقد وذلك من فعل أهل التأنيث * (تنبيه) * أنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال ليس المراد أنه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذ منها فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته قال أبو شامة وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها وقال النووي يستثنى من الامر باعفاء اللحى ما لو نبتت للمرأة لحية فإنه يستحب لها حلقها وكذا لو نبت لها شارب أو عنفقة وسيأتي البحث فيه في باب المتنمصات (قوله باب اعفاء اللحى) كذا استعمله من الرباعي وهو بمعنى الترك ثم قال عفوا كثروا وكثرت أموالهم وأراد تفسير قوله تعالى في الأعراف حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فقد تقدم هناك بيان من فسر قوله عفوا يكثروا فأما أن يكون أشار بذلك إلى أصل المادة أو إلى أن لفظ الحديث وهو اعفوا اللحى جاء بالمعنيين فعلى الأول يكون بهمزة قطع وعلى الثاني بهمزة وصل وقد حكى ذلك جماعة من الشراح منهم ابن التين قال وبهمزة قطع أكثر وقال ابن دقيق العيد تفسير الاعفاء بالتكثير من إقامة السبب مقام المسبب لان حقيقة الاعفاء الترك وترك التعرض للحية يستلزم تكثيرها وأغرب ابن السيد فقال حمل بعضهم قوله أعفوا اللحى على الاخذ منها بإصلاح ما شذ منها طولا وعرضا واستشهد بقول زهير * على آثار من ذهب العفاء * وذهب الأكثر إلى أنه بمعنى وفروا أو كثروا وهو الصواب قال ابن دقيق العيد لا أعلم أحدا فهم من الامر في قوله أعفوا اللحى تجويز معالجتها بما يغزرها كما يفعله بعض الناس قال وكأن الصارف عن ذلك قرينة السياق في قوله في بقية الخبر وأحفوا الشوارب انتهى ويمكن أن يؤخذ من بقية طرق ألفاظ الحديث الدالة على مجرد الترك والله أعلم * (تنبيه) * في قوله أعفوا وأحفوا ثلاثة أنواع من البديع الجناس والمطابقة والموازنة (قوله باب ما يذكر في الشيب) أي هل يخضب أو يترك (قوله عن بن سيرين) هو محمد بينه مسلم في روايته عن حجاج بن الشاعر عن معلى شيخ البخاري فيه (قوله سألت أنسا أخضب النبي صلى الله عليه وسلم) يعرف منه أنه المبهم في الرواية التي بعدها حيث قال ثابت سئل أنس وكذا قوله في هذه الرواية لم يبلغ من الشيب إلا قليلا يفسره قوله في الثانية لم يبلغ ما يخضب وذلك أن العادة أن القليل من الشعر الأبيض إذا بدا في اللحية لم يبادر إلى خضبه حتى يكثر ومرجع القلة والكثرة في ذلك إلى العرف وزاد أحمد من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين في هذا الحديث ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم قال وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة بياضا وستأتي الإشارة إليه في باب الخضاب ولمسلم من طريق حماد بن سلمة
(٢٩٧)