وكذا القول في القطع هو كناية عن حرمان الاحسان وقال القرطبي وسواء قلنا إنه يعني القول المنسوب إلى الرحم على سبيل المجاز أو الحقيقة أو أنه على جهة التقدير والتمثيل كأن يكون المعنى لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت كذا ومثله لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا الآية وفي آخرها وتلك الأمثال نضربها للناس فمقصود هذا الكلام الاخبار بتأكد أمر صلة الرحم وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجار به فأجاره فأدخله في حمايته وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول وقد قال صلى الله عليه وسلم من صلى الصبح فهو في ذمة الله وان من يطلبه الله بشئ من ذمته يدركه ثم يكبه على وجهه في النار أخرجه مسلم * الحديث الثاني (قوله حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثنا عبد الله بن دينار) لسليمان في هذا المعنى ثلاثة أحاديث أحدها هذا والآخر الحديث الذي قبله وقد سبق من طريقه في تفسير القتال ويأتي في التوحيد والثالث حديثه عن معاوية بن أبي مزرد أيضا عن يزيد بن رومان وهو ثالث أحاديث الباب (قوله الرحم شجنة) بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون وجاء بضم أوله وفتحه رواية ولغة وأصل الشجنة عروق الشجر المشتبكة والشجن بالتحريك واحد والشجون وهي طرق الأودية ومنه قولهم الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض وقوله من الرحمن أي أخذ اسمها من هذا الاسم كما في حديث عبد الرحمن بن عوف في السنن مرفوعا أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى والمعنى أنه أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها فالقاطع لها منقطع من رحمة الله وقال الإسماعيلي معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة وليس معناه أنها من ذات الله تعالى الله عن ذلك قال القرطبي الرحم التي توصل عامة وخاصة فالعامة رحم الدين وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح والعدل والانصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة وأما الرحم الخاصة فتزيد النفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك كما في الحديث الأول من كتاب الأدب الأقرب فالأقرب وقال ابن أبي جمرة تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ثم اعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى (قوله فقال الله) زاد الإسماعيلي في روايته لها وهذه الفاء عاطفة على شئ محذوف وأحسن ما يقدر له ما في الحديث الذي قبله فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال الله الخ * الحديث الثالث حديث عائشة وهو بلفظ حديث أبي هريرة الذي قبله إلا أنه بلفظ الغيبة وفي الأحاديث الثلاثة تعظيم أمر الرحم وأن صلتها مندوب مرغب فيه وأن قطعها من الكبائر لورود الوعيد الشديد فيه واستدل به على أن الأسماء توقيفية وعلى رجحان القول الصائر إلى أن المراد بقوله وعلم آدم الأسماء كلها أسماء جميع الأشياء سواء كانت من الذوات أو من الصفات والله أعلم (قوله باب) هو بالتنوين (تبل الرحم ببلالها) بضم أوله بالمثناة ويجوز بفتح أوله بالتحتانية والمراد المكلف (قوله حدثني لغير أبي ذر حدثنا وعمرو بن عباس بالموحدة والمهملة هو أبو عثمان الباهلي البصري ويقال له الأهوازي
(٣٥٠)