إذا كان الواصل أحفظ من المرسل كالذي هنا فإن الزهري أحفظ من عبد الحميد قال الطبري لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب (قلت) الثالث أخص من الأول قال ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للاشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعى به صاحبه كان صدقا قال وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء وليس ما غير من ذلك على وجه المنع من التسمي بها بل وجه الاختيار قال ومن ثم أجاز المسلمون أن يسمى الرجل القبيح بحسن والفاسد بصالح ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم حزنا لما امتنع من تحويل اسمه إلى سهل بذلك ولو كان ذلك لازما لما أقره على قوله لا أغير اسما سمانيه أبي انتهى ملخصا وقد ورد الامر بتحسين الأسماء وذلك فيما أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي الدرداء رفعه انكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم ورجاله ثقات إلا أن في سنده انقطاعا بين عبد الله بن أبي زكريا رواية عن أبي الدرداء وأبي الدرداء فإنه لم يدركه قال أبو داود وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم العاص وعتلة بفتح المهملة والمثناة بعدها لام وشيطان وغراب وحباب بضم المهملة وتخفيف الموحدة وشهاب وحرب وغير ذلك (قلت) والعاصي الذي ذكره هو مطيع بن الأسود العدوي والد عبد الله بن مطيع ووقع مثله لعبد الله بن الحرث بن جزء وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر أخرجه البزار والطبراني من حديث عبد الله بن الحرث بسند حسن والاخبار في مثل ذلك كثيرة وعتلة هو عتبة بن عبد السلمي وشيطان هو عبد الله وغراب هو مسلم أبو رايطة وحباب هو عبد الله بن عبد الله بن أبي وشهاب هو هشام بن عامر الأنصاري وحرب هو الحسن بن علي سماه علي أولا حربا وأسانيدها مبينة في كتابي في الصحابة (قوله باب من سمى بأسماء الأنبياء) في هذه الترجمة حديثان صريحان * أحدهما أخرجه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم * ثانيهما أخرجه أبو داود والنسائي والمصنف في الأدب المفرد من حديث أبي وهب الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة رفعه تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة قال بعضهم أما الأولان فلما تقدم في باب أحب الأسماء إلى الله وأما الآخران فلان العبد في حرث الدنيا أو حرث الآخرة ولأنه لا يزال يهم بالشئ بعد الشئ وأما الأخيران فلما في الحرب من المكاره ولما في مرة من المرارة وكأن المؤلف رحمه الله لما لم يكونا على شرطه اكتفى بما استنبطه من أحاديث الباب وأشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك كما تقدم عن عمر أنه أراد أن يغير أسماء أولاد طلحة وكان سماهم بأسماء الأنبياء وأخرج البخاري أيضا في الأدب المفرد في مثل ترجمة هذا الباب حديث يوسف بن عبد الله بن سلام قال سماني النبي صلى الله عليه وسلم يوسف الحديث وسنده صحيح وأخرجه الترمذي في الشمائل وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء ثم ذكر فيه أحد عشر حديثا موصولة ومعلقة * الأول حديث أنس (قوله وقال أنس قبل النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم يعني ابنه) ثبت هذا التعليق في رواية أبي ذر عن الكشميهني وحده وهو في رواية النسفي أيضا وهو طرف من
(٤٧٦)