الحديث على الزجر والتغليظ وأن ظاهره غير مراد وفيه غير ذلك من التأويلات (قوله باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا) أي بالحكم أو بحال المقول فيه (قوله وقال عمر لحاطب بن أبي بلتعة إنه نافق) كذا للأكثر بلفظ الفعل الماضي وفي رواية الكشميهني منافق باسم الفاعل وهذا طرف من حديث علي في قصة حاطب بن أبي بلتعة وقد تقدم موصولا مع شرحه في تفسير سروة الممتحنة ثم ذكر حديث جابر في قصة معاذ بن جبل حيث طول في صلاة الصبح ففارقه الرجل فصلى وحده فقال معاذ أنه منافق وقد تقدم شرحه مستوفى في صلاة الجماعة ومحمد بن عبادة شيخ البخاري فيه أبوه بفتح العين المهملة وتخفيف الموحدة وقوله فتجوز رجل بالجيم والزاي للجميع وحكى ابن التين أنه روى بالحاء المهملة أي انحاز فصلى وحده (قوله حدثني إسحق) هو ابن راهويه وأبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الحمصي وهو من شيوخ البخاري قد حدث عنه كثيرا بلا واسطة وتقدم الحديث في تفسير سورة النجم مع شرحه ووجه دخوله في هذا الباب واضح قال ابن بطال عن المهلب أمره صلى الله عليه وسلم للحالف باللات والعزى بقوله لا إله إلا الله خشية أن يستديم حاله على ما قال فيخشى عليه من حبوط عمله فيما نطق به من كلمة الكفر بعد الايمان قال ومثله قوله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فنفى عنه الايمان في حالة الزنا خاصة انتهى وقال في موضع آخر ليس في هذا الحديث إطلاق الحلف بغير الله وإنما فيه تعليم من نسي أو جهل فحلف بذلك أن يبادر إلى ما يكفر عنه ما وقع فيه وحاصله أنه أرشد من تلفظ بشئ مما لا ينبغي له التلفظ به أن يبادر إلى ما يرفع الحرج عن القائل أن لو قال ذلك قاصدا إلى معنى ما قال وقد قدمت توجيه هذا في شرح الحديث المذكور ومناسبة الامر بالصدقة لمن قال أقامرك من حيث أنه أراد إخراج المال في الباطل فأمر بإخراجه في الحق ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في حلف عمر بأبيه وفيه النهي عن ذلك وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب الايمان والنذور وقصد بذكره هنا الإشارة إلى ما ورد في بعض طرقه من حلف بغير الله فقد أشرك لكن لما كان حلف عمر بذلك قبل أن يسمع النهي كان معذورا فيما صنع فلذلك اقتصر على نهيه ولم يؤاخذه بذلك لأنه تأول وأن حق أبيه عليه يقتضي أنه يستحق أن يحلف به فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لا يحب لعبده أن يحلف بغيره والله أعلم (قوله باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى وقال الله تعالى جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم) كأنه يشير إلى أن الحديث الوارد في أنه صلى الله عليه وسلم كان يصبر على الأذى إنما هو فيما كان من حق نفسه وأما إذا كان لله تعالى فإنه يتمثل فيه أمر الله من الشدة وذكر فيه خمسة أحاديث تقدمت كلها وفي كل منها ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم في أسباب مختلفة مرجعها إلى أن ذلك كله كان في أمر الله وأظهر الغضب فيها ليكون أوكد في الزجر عنها * الحديث الأول حديث عائشة في القرام وقد
(٤٢٩)