اشتمل كتاب الأشربة من الأحاديث المرفوعة على أحد وتسعين حديثا المعلق منها تسعة عشر طريقا والباقي موصول المكرر منها فيه وفيما مضى سبعون طريقا والباقي خالص وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي مالك وأبي عامر في المعازف وحديث ابن أبي أوفى في الجر الأخضر وحديث أنس في الاقداح ليلة الاسراء وهو معلق وحديث جابر في الكرع وحديث علي في الشرب قائما وحديث أبي هريرة في النهي عن الشرب من فم السقاء وحديث أبي طلحة في قدح النبي صلى الله عليه وسلم وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أربعة عشر أثرا والله أعلم (قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المرضى) * (باب ما جاء في كفارة المرض) كذا لهم إلا أن البسملة سقطت لأبي ذر وخالفهم النسفي فلم يفرد كتاب المرضى من كتاب الطب بل صدر بكتاب الطب ثم بسمل ثم ذكر باب ما جاء واستمر على ذلك إلى آخر كتاب الطب ولكل وجه وفي بعض النسخ كتاب والمرضى جمع مريض والمراد بالمرض هنا مرض البدن وقد يطلق المرض على مرض القلب إما للشبهة كقوله تعالى في قلوبهم مرض وإما للشهوة كقوله تعالى فيطمع الذي في قلبه مرض ووقع ذكر مرض البدن في القرآن في الوضوء والصوم والحج وسيأتي ذكر مناسبة ذلك في أول الطب والكفارة صيغة مبالغة من التكفير وأصله التغطية والستر والمعنى هنا أن ذنوب المؤمن تتغطى بما يقع له من ألم المرض قال الكرماني والإضافة بيانية لان المرض ليست له كفارة بل هو الكفارة نفسها فهو كقولهم شجر الأراك أو الإضافة بمعنى في أو هو من إضافة الصفة إلى الموصوف وقال غيره هو من الإضافة إلى الفاعل وأسند التكفير للمرض لكونه سببه (قوله وقول الله عز وجل من يعمل سوأ يجز به) قال الكرماني مناسبة الآية للباب أن الآية أعم إذا المعنى أن كل من يعمل سيئة فإنه يجازى بها وقال ابن المنير الحاصل أن المرض كما جاز أن يكون مكفرا للخطايا فكذلك يكون جزاء لها وقال ابن بطال ذهب أكثر أهل التأويل إلى أن معنى الآية أن المسلم يجازى على خطاياه في الدنيا بالمصايب التي تقع له فيها فتكون كفارة لها وعن الحسن وعبد الرحمن بن زيد أن الآية المذكورة نزلت في الكفارة خاصة والأحاديث في هذا الباب تشهد للأول انتهى وما نقله عنهما أورده الطبري وتعقبه ونقل ابن التين عن ابن عباس نحوه والأول المعتمد والأحاديث الواردة في سبب نزول الآية لما لم تكن على شرط البخاري ذكرها ثم أورد من الأحاديث على شرطه ما يوافق ما ذهب إليه الأكثر من تأويلها ومنه ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان من طريق عبيد بن عمير عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية من يعمل سوأ يجز به فقال إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال نعم يجزى به في الدنيا من مصيبة في جسده مما يؤذيه وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان أيضا من حديث أبي بكر الصديق أنه قال يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوأ يجز به فقال غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن قال قلت بلى قال هو ما تجزون به ولمسلم من طريق محمد بن قيس بن مخرمة عن أبي هريرة لما نزلت من يعمل سوأ يجز به بلغت من المسلمين مبلغا شديدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم
(٨٩)