يستدل به على عكس ذلك فأما الأول فمن جهة أن الأطفال لولا أنهم كان بهم ضرورة إلى الارضاع في تلك الحالة ما تركها النبي صلى الله عليه وسلم ترضع أحدا منهم وأما الثاني وهو أقوى فلانه أقرها على إرضاعهم من قبل أن تتبين الضرورة اه ملخصا ولا يخفى ما فيه (قوله باب) بالتنوين (جعل الله الرحمة في مائة جزء) هكذا ترجم ببعض الحديث وفي رواية النسفي باب من الرحمة وللإسماعيلي باب بغير ترجمة (قوله البهراني) بفتح الموحدة وسكون الهاء نسبة إلى قبيلة من قضاعة ينتهي نسبهم إلى بهر بن عمرو بن الحاف بن قضاعة نزل أكثرهم حمص في الاسلام (قوله جعل الله الرحمة في مائة جزء) قال الكرماني كان المعنى يتم بدون الظرف فلعل في زائدة أو متعلقة بمحذوف وفيه نوع مبالغة إذ جعلها مظروفا لها معنى بحيث لا يفوت منها شئ وقال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون سبحانه وتعالى لما من على خلقه بالرحمة جعلها في مائة وعاء فاهبط منها واحدا للأرض (قلت) خلت أكثر الطرق عن الظرف كرواية سعيد المقبري عن أبي هريرة الآتية في الرقاق أن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة ولمسلم من رواية عطاء عن أبي هريرة أن لله مائة رحمة وله من حديث سلمان أن الله خلق مائة رحمة يوم خلق السماوات والأرض كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض وقال القرطبي يجوز أن يكون معنى خلق اخترع وأوجد ويجوز أن يكون بمعنى قدر وقد ورد خلق بمعنى قدر في لغة العرب فيكون المعنى أن الله أظهر تقديره لذلك يوم أظهر تقدير السماوات والأرض وقوله كل رحمة تسع طباق الأرض المراد بها التعظيم والتكثير وقد ورد التعظيم بهذا اللفظ في اللغة والشرع كثيرا (قوله فأمسك عنده تسعة وتسعين جزأ) في رواية عطاء وأخر عنده تسعة وتسعين رحمة وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عند مسلم وخبأ عنده مائة إلا واحدة (قوله وأنزل في الأرض جزأ واحدا) في رواية المقبري وأرسل في خلقه كلهم رحمة وفي رواية عطاء أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم وفي حديث سلمان فجعل منها في الأرض واحدة قال القرطبي هذا نص في أن الرحمة يراد بها متعلق الإرادة لا نفس الإرادة وأنها راجعة إلى المنافع والنعم (قوله فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) في رواية عطاء فيها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وفي حديث سلمان فيها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض قال ابن أبي جمرة خص الفرس بالذكر لأنها أشد الحيوان المألوف الذي يعاين المخاطبون حركته مع ولده ولما في الفرس من الخفة والسرعة في التنقل ومع ذلك تتجنب أن يصل الضرر منها إلى ولدها ووقع في حديث سلمان عند مسلم في آخره من الزيادة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة وفيه إشارة إلى أن الرحمة التي في الدنيا بين الخلق تكون فيهم يوم القيامة يتراحمون بها أيضا وصرح بذلك المهلب فقال الرحمة التي خلقها الله لعباده وجعلها في نفوسهم في الدنيا هي التي يتغافرون بها يوم القيامة التبعات بينهم قال ويجوز أن يستعمل الله تلك الرحمة فيهم فيرحمهم بها سوى رحمته التي وسعت كل شئ وهي التي من صفة ذاته ولم يزل موصوفا بها فهي التي يرحمهم بها زائدا على الرحمة التي خلقها لهم قال ويجوز أن تكون الرحمة التي أمسكها عند نفسه هي التي عند ملائكته المستغفرين لمن في الأرض لان استغفارهم لهم دال على أن في نفوسهم الرحمة لأهل الأرض (قلت) وحاصل كلامه أن الرحمة
(٣٦٢)