في السب والشتم واما حكمها فقال النووي في الاذكار الغيبة والنميمة محرمتان باجماع المسلمين وقد تظاهرت الأدلة على ذلك وذكر في الروضة تبعا للرافعي انها من الصغائر وتعقبه جماعة ونقل أبو عبد الله القرطبي في تفسيره الاجماع على انها من الكبائر لان حد الكبيرة صادق عليها لأنها مما ثبت الوعيد الشديد فيه وقال الأذرعي لم أر من صرح بأنها من الصغائر الاصاحب 1 العدة والغزالي وصرح بعضهم بأنها من الكبائر وإذا لم يثبت الاجماع فلا أقل من التفصيل فمن اغتاب وليا لله أو عالما ليس كمن اغتاب مجهول الحالة مثلا وقد قالوا ضابطها ذكر الشخص بما يكره وهذا يختلف باختلاف ما يقال فيه وقد يشتد تأذيه بذلك واذى المسلم محرم وذكر النووي من الأحاديث الدالة على تحريم الغيبة حديث انس رفعة لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم أخرجه أبو داود وله شاهد عن ابن عباس عند احمد وحديث سعيد ابن زيد رفعه ان من اربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق أخرجه أبو داود وله شاهد عند البزار وابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة وعند أبى يعلى من حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة رفعه من اكل لحم أخيه في الدنيا قرب له يوم القيامة فيقال له كله ميتا كما أكلته حيا فيأكله ويكلح ويصيح سنده حسن وفى الأدب المفرد عن ابن مسعود قال ما التقم أحد لقمة شرا من اغتياب مؤمن الحديث وفيه أيضا وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة في قصة ما عز ورجمه في الزنا وان رجلا قال لصاحبه انظر إلى الذي ستر الله عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم الكلب فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم كلا من جيفة هذا الحمار لحمار ميت فما نلتما من عرض هذا الرجل أشد من اكل هذه الجيفة وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند حسن عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عيه وسلم فهاجت ريح منتنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين وهذا الوعيد في هذه الأحاديث يدل على الغيبة من الكبائر لكن تقييده في بعضها بغير حق قد يخرج الغيبة بحق لما تقرر انها ذكر المرء بما فيه ثم ذكر المصنف حديث ابن عباس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين يعذبان الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الطهارة وليس فيه ذكر الغيبة بل فيه يمشى بالنميمة قال ابن التين انما ترجم بالغيبة وذكر النميمة لان الجامع بينهما ذكر ما يكرهه المقول فيه بظهر الغيب وقال الكرماني الغيبة نوع من النميمة لأنه لو سمع المنقول عنه ما نقل عنه لغمه (قلت) الغيبة قد توجد في بعض صور النميمة وهوان يذكره في غيبته بما فيه مما يسوؤه قاصدا بذلك الافساد فيحتمل أن تكون قصة الذي كان يعذب في قبره كانت كذلك ويحتمل ان يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الغيبة صريحا وهو ما أخرجه هو في الأدب المفرد من حديث جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاتى على قبرين فذكر فيه نحو حديث الباب وقال فيه اما أحدهما فكان يغتاب الناس الحديث وأخرج أحمد والطبراني باسناد صحيح عن أبي بكرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير وبكى وفيه وما يعذبان الا في الغيبة والبول ولأحمد والطبراني أيضا من حديث يعلى بن شبابة ان النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبر يعذب صاحبه فقال إن هذا كان يأكل لحوم الناس ثم دعا بجريدة رطبة الحديث ورواته موثقون
(٣٩٢)