فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فوجد عليا نائما وقد علاه تراب فأيقظه وقال له مالك أبا تراب ثم قال ألا أحدثك بأشقى الناس الحديث وغزوة العشيرة كانت في أثناء السنة الثانية قبل وقعة بدر وذلك قبل أن يتزوج على فاطمة فإن كان محفوظا أمكن الجمع بأن يكون ذلك تكرر منه صلى الله عليه وسلم في حق علي والله أعلم وقد ذكر ابن إسحاق عقب القصة المذكورة قال حدثني بعض أهل العلم أن عليا كان إذا غضب على فاطمة في شئ لم يكلمها بل كان يأخذ ترابا فيضعه على رأسه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ذلك عرف فيقول مالك يا أبا تراب فهذا سبب آخر يقوي التعدد والمعتمد في ذلك كله حديث سهل في الباب والله أعلم (قوله باب أبغض الأسماء إلى الله عز وجل) كذا ترجم بلفظ أبغض وهو بالمعنى وقد ورد بلفظ أخبث بمعجمة وموحدة ثم مثلثة وبلفظ أغيظ وهما عند مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة ولابن أبي شيبة عن مجاهد بلفظ أكره الأسماء ونقل ابن التين عن الداودي قال ورد في بعض الأحاديث أبغض الأسماء إلى الله خالد ومالك قال وما أراه محفوظا لان في الصحابة من تسمى بهما قال وفي القرآن تسمية خازن النار مالكا قال والعباد وأن كانوا يموتون فإن الأرواح لا تفنى انتهى كلامه فأما الحديث الذي أشار إليه فما وقفت عليه بعد البحث ثم رأيت في ترجمة إبراهيم بن الفضل المدني أحد الضعفاء من مناكيره عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رفعه أحب الأسماء إلى الله ما سمي به وأصدقها الحرث وهمام وأكذب الأسماء خالد ومالك وأبغضها إلى الله ما سمي لغيره فلم يضبط الداودي لفظ المتن أو هو متن آخر اطلع عليه وأما استدلاله على ضعفه بما ذكر من تسمية بعض الصحابة وبعض الملائكة فليس بواضح لاحتمال اختصاص المنع بمن لا يملك شيئا وأما احتجاجه لجواز التسمية بخالد بما ذكر من أن الأرواح لا تفنى فعلى تقدير التسليم فليس بواضح أيضا لان الله سبحانه وتعالى قد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد والخلد البقاء الدائم بغير موت فلا يلزم من كون الأرواح لا تفنى أن يقال صاحب تلك الروح خالد (قوله عن أبي الزناد) في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان حدثنا أبو الزناد وهي عند أبي عوانة في صحيحه أيضا من طريقه (قوله رواية) كذا في رواية علي هنا وفي رواية أحمد عن سفيان يبلغ به أخرجها مسلم وأبو داود وعند الترمذي عن محمد بن ميمون عن سفيان مثله وكلاهما كناية عن الرفع بمعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع التصريح بذلك في رواية الحميدي (قوله أخني) كذا في رواية شعيب ابن أبي حمرة للأكثر من الخنا بفتح المعجمة وتخفيف النون مقصور وهو الفحش في القول ويحتمل أن يكون من قولهم أخنى عليه الدهر أي أهلكه ووقع عند المستملي أخنع بعين مهملة وهو المشهور في رواية سفيان بن عيينة وهو من الخنوع وهو الذل وقد فسره بذلك الحميدي شيخ البخاري عقب روايته له عن سفيان قال أخنع أذل وأخرج مسلم عن أحمد بن حنبل قال سألت أبا عمرو الشيباني يعني إسحق اللغوي عن أخنع فقال أوضع قال عياض معناه أنه أشد الأسماء صغارا وبنحو ذلك فسره أبو عبيد والخانع الذليل وخنع الرجل ذل قال ابن بطال وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذلا وقد فسر الخليل أخنع بأفجر فقال الخنع الفجور يقال أخنع الرجل إلى المرأة إذا دعاها للفجور (قلت) وهو قريب من معنى الخنا وهو الفحش ووقع عند الترمذي في آخر الحديث أخنع أقبح وذكر أبو عبيد أنه ورد بلفظ أنخع بتقديم النون على المعجمة وهو بمعنى أهلك
(٤٨٦)