أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم واحتج به على ما ذكر وتعقبه الطحاوي بأنه يجوز أن يكون الامر بخلعهما لاذى فيهما وقد ثبت في الحديث أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين وهو دال على جواز لبس النعال في المقابر قال وثبت حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه قال فإذا جاز دخول المسجد بالنعل فالمقبرة أولى (قلت) ويحتمل أن يكون النهي لاكرام الميت كما ورد النهي عن الجلوس على القبر وليس ذكر السبتيتين للتخصيص بل اتفق ذلك والنهي إنما هو للمشي على القبور بالنعال * الحديث الثالث والرابع حديث ابن عمر وابن عباس فيما لا يلبس المحرم وفيه ذكر النعلين وقد تقدم شرحهما في كتاب الحج وفي هذه الأحاديث استحباب لبس النعل وقد أخرج مسلم من حديث جابر رفعه استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل أي أنه شبيه بالراكب في خفة المشقة وقلة التعب وسلامة الرجل من أذى الطريق قاله النووي وقال القرطبي هذا كلام بليغ ولفظ فصيح بحيث لا ينسج على منواله ولا يؤتى بمثاله وهو إرشاد إلى المصلحة وتنبيه على ما يخفف المشقة فإن الحافي المديم للمشي يلقى من الآلام والمشقة بالعثار وغيره ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول إلى مقصوده كالراكب فلذلك شبة به (قوله باب يبدأ بالنعل اليمنى) ذكر فيه حديث عائشة كان يحب التيمن في طهوره وتنعله وقد تقدم شرحه في كتاب الطهارة وهو ظاهر فيما ترجم له والله أعلم (قوله باب لا يمشي في نعل واحدة) ذكر فيه حديث أبي هريرة من رواية الأعرج عنه قال الخطابي الحكمة في النهي أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك أو نحوه فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لاحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك عن سجية مشيه ولا يأمن مع ذلك من العثار وقيل لأنه لم يعدل بين جوارحه وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه وقال ابن العربي قيل العلة فيها أنها مشية الشيطان وقيل لأنها خارجة عن الاعتدال وقال البيهقي الكراهة فيه للشهرة فتمتد الابصار لمن ترى ذلك منه وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس فكل شئ صير صاحبه شهرة فحقه أن يجتنب وأما ما أخرج مسلم من طريق أبي رزين عن أبي هريرة بلفظ إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في نعل واحدة حتى يصلحها وله من حديث جابر حتى يصلح نعله وله ولأحمد من طريق همام عن أبي هريرة إذا انقطع شسع أحدكم أو شراكه فلا يمشي في إحداهما بنعل والاخرى حافية ليحفها جميعا أو لينعلهما جميعا فهذا لا مفهوم له حتى يدل على الاذن في غير هذه الصورة وإنما هو تصوير خرج مخرج الغالب ويمكن أن يكون مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الاعلى لأنه إذا منع مع الاحتياج فمع عدم الاحتياج أولى وفي هذا التقرير استدراك على من أجاز ذلك حين الضرورة وليس كذلك وإنما المراد أن هذه الصورة قد يظن أنها أخف لكونها للضرورة المذكورة لكن لعلة موجودة فيها أيضا وهو دال على ضعف ما أخرجه الترمذي عن عائشة قالت ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى في النعل الواحدة حتى يصلحها وقد رجح البخاري وغير واحد وقفه على عائشة وأخرج الترمذي بسند صحيح عن عائشة أنها كانت تقول لأخيفن أبا هريرة فيمشي في نعل واحدة وكذا أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا وكأنها لم يبلغها النهي وقولها لأخيفن معناه لأفعلن فعلا يخالفه وقد اختلف في ضبطه فروى
(٢٦١)