لا رقية إلا من عين أو حمة فيجوز أن يكون رخص فيه بعد أن منع منه ويحتمل أن يكون المعنى لا رقية أنفع من رقية العين والحمة ولم يرد نفي الرقي عن غيرهما وحكى الكرماني عن ابن بطال أنه ضبطه الأدر بضم الهمزة وسكون المهملة بعدها راء وأنه جمع أدرة وهي نفخة الخصية قال وهو غريب شاذ انتهى ولم أر ذلك في كتاب ابن بطال فليحرر ووقع عند الإسماعيلي في سياق رواية عباد بن منصور بلفظ أن يرقوا من الحمة وأذن برقية العين والنفس فعلى هذا فقوله والاذن في الرواية المعلقة تصحيف من قوله أذن فعل ماضي من الاذن لكن زاد الإسماعيلي في رواية من هذا الوجه وكان زيد بن ثابت يرقى من الاذن والنفس فالله أعلم وسيأتي بعد أبواب باب رقية العين وغير ذلك وقوله رخص لأهل بيت من الأنصار هم آل عمرو بن حزم وقع ذلك عند مسلم من حديث جابر والمخاطب بذلك منهم عمارة بن حزم كما بينته في ترجمته في كتاب الصحابة (قوله باب حرق الحصير) كذا لهم وأنكره ابن التين فقال والصواب إحراق الحصير لأنه من أحرق أو تحريق من حرق قال فأما الحرق فهو حرق الشئ يؤذيه (قلت) لكن له توجيه وقوله ليسد به الدم هو بالسين المهملة أي مجاري الدم أو ضمن سد معنى قطع وهو الوجه وكأنه أشار إلى أن هذا ليس من إضاعة المال لأنه إنما يفعل للضرورة المبيحة وقد كان أبو الحسن القابسي يقول وددنا لو علمنا ذلك الحصير مما كان لنتخذه دواء لقطع الدم قال ابن بطال قد زعم أهل الطب أن الحصير كلها إذا أحرقت تبطل زيادة الدم بل الرماد كله كذلك لان الرماد من شأنه القبض ولهذا ترجم الترمذي لهذا الحديث التداوي بالرماد وقال المهلب فيه أن قطع الدم بالرماد كان معلوما عندهم لا سيما إن كان الحصير من ديس السعد فهي معلومة بالقبض وطيب الرائحة فالقبض يسد أفواه الجرح وطيب الرائحة يذهب بزهم الدم وأما غسل الدم أولا فينبغي أن يكون إذا كان الجرح غير غائر أما لو كان غائرا فلا يؤمن معه ضرر الماء إذا صب فيه وقال الموفق عبد اللطيف الرماد فيه تجفيف وقلة لذع والمجفف إذا كان فيه قوة لذع ربما هيج الدم وجلب الورم ووقع عند ابن ماجة من وجه آخر عن سهل بن سعد أحرقت له حين لم يرقأ قطعة حصير خلق فوضعت رماده عليه وقد تقدم شرح حديث الباب وهو حديث سهل بن سعد في غسل فاطمة وجه النبي صلى الله عليه وسلم من الدم لما جرح يوم أحد في كتاب الجهاد وقوله في آخر الحديث فرقأ بقاف وهمزة أي بطل خروجه وفي رواية فاستمسك الدم (قوله باب الحمى من فيح جهنم) بفتح الفاء وسكون التحتانية بعدها مهملة وسيأتي في حديث رافع آخر الباب من فوح بالواو وتقدم من حديثه في صفة النار بلفظ فور بالراء بدل الحاء وكلها بمعنى والمراد سطوع حرها ووجهه والحمى أنواع كما سأذكره واختلف في نسبتها إلى جهنم فقيل حقيقة واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة وقد جاء في حديث أخرجه البزار من حديث عائشة بسند حسن وفي الباب عن أبي أمامة عند أحمد وعن أبي ريحانة عند الطبراني وعن ابن مسعود في مسند الشهاب الحمى حظ المؤمن من النار وهذا كما تقدم في حديث الامر بالايراد أن شدة الحر من فيح جهنم وأن الله أذن لها بنفسين وقيل بل الخبر ورد مورد التشبيه والمعنى أن حر الحمى شبيه بحر جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار وأن هذه الحرارة الشديدة
(١٤٦)