واما بعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها وقال غيره البغى الاستعلاء بغير حق ومنه بغى الجرح إذا فسد (قوله وترك إثارة الشر على مسلم أو كافر) ثم ذكر فيه حديث عائشة في قصة الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن بطال وجه الجمع بين الآيات المذكورة وترجمة الباب مع الحديث أن الله لما نهى عن البغي وأعلم أن ضرر البغي إنما هو راجع إلى الباغي وضمن النصر لمن بغى عليه كان حق من بغى عليه أن يشكر الله على إحسانه إليه بأن يعفو عمن بغى عليه وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقب الذي كاده بالسحر مع قدرته على ذلك انتهى ملخصا ويحتمل أن يكون مطابقة الترجمة للآيات والحديث انه صلى الله عليه وسلم ترك استخراج السحر خشية ان يثور على الناس منه شر فسلك مسلك العدل في أن لا يحصل لمن لم يتعاط السحر من اثر الضرر الناشئ عن السحر شر وسلك مسلك الاحسان في ترك عقوبة الجاني كما سبق وقال ابن التين يستفاد من الآية الأولى ان دلالة الاقتران ضعيفة لجمعه تعالى بين العدل والاحسان في أمر واحد والعدل واجب والاحسان مندوب (قلت) وهو مبنى على تفسير العدل والاحسان وقد اختلف السلف في المراد بهما في الآية فقيل العدل لا إله إلا الله والاحسان الفرائض وقيل العدل لا إله إلا الله والاحسان الاخلاص وقيل العدل خلع الأنداد والاحسان أن تعبد الله كأنك تراه وهو بمعنى الذي قبله وقيل العدل الفرائض والاحسان النافلة وقيل العدل العبادة والاحسان الخشوع فيها وقيل العدل الانصاف والاحسان التفضل وقيل العدل امتثال المأمورات والاحسان اجتناب المنهيات وقيل العدل بذل الحق والاحسان ترك الظلم وقيل العدل استواء السر والعلانية والاحسان فضل العلانية وقيل العدل البذل والاحسان العفو وقيل العدل في الافعال والاحسان في الأقوال وقيل غير ذلك وأقربها لكلامه الخامس والسادس وقال القاضي أبو بكر بن العربي العدل بين العبد وربه بامتثال أوامره واجتناب مناهيه وبين العبد وبين نفسه بمزيد الطاعات وتوقي الشبهات والشهوات وبين العبد وبين غيره بالأنصاف انتهى ملخصا وقال الراغب العدل ضربان مطلق يقتضى العقل حسنه ولا يكون في شئ من الأزمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو أن تحسن لمن أحسن إليك وتكف الأذى عمن كف أذاه عنك وعدل يعرف بالشرع ويمكن أن يدخله النسخ ويوصف بالاعتداء مقابلة كالقصاص وأرش الجنايات وأخذ مال المرتد ولذا قال تعالى فمن اعتدى عليكم الآية وهذا النحو هو المعنى بقوله تعالى أن الله يأمر بالعدل والاحسان فإن العدل هو المساواة في المكافأة في خير أو شر والاحسان مقابلة الخير بأكثر منه والشر بالترك أو بأقل منه (قوله سفيان) هو ابن عيينة (قوله مطبوب يعني مسحورا) هذا التفسير مدرج في الخير وقد بينت ذلك عند شرح الحديث في كتاب الطب وكذا قوله فهلا تعني تنشرت ومن قال هو مأخوذ من النشرة أو من نشر الشئ بمعنى إظهاره وكيف يجمع بين قولها فأخرج وبين قولها في الرواية الأخرى هلا استخرجته وأن حاصله أن الاخراج الواقع كان لأصل السحر والاستخراج المنفي كان لاجزاء السحر وقوله في آخره حليف ليهود وقع في رواية الكشميهني هنا لليهود بزيادة لام (قوله باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر) كذا للأكثر وعند الكشميهني
(٤٠٠)