ابن مسعود وهو في حديث سالم بن عبيد المشار إليه قبل ففيه وليقل يغفر الله لنا ولكم (قلت) وقد وافق حديث أبي هريرة في ذلك حديث عائشة عند أحمد وأبي يعلى وحديث أبي مالك الأشعري عند الطبراني وحديث علي عند الطبراني أيضا وحديث ابن عمر عند البزار وحديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عند البيهقي في الشعب وقال ابن بطال ذهب مالك والشافعي إلى أنه يتخير بين اللفظين وقال أبو الوليد بن رشد الثاني أولى لان المكلف يحتاج إلى طلب المغفرة والجمع بينهما أحسن الا للذمي وذكر الطبري أن الذين منعوا من جواب التشميت بقول يهديكم الله ويصلح بالكم احتجوا بأنه تشميت اليهود كما تقدمت الإشارة إليه من تخريج أبي داود من حديث أبي موسى قال ولا حجة فيه إذ لا تضاد بين خبر أبي موسى وخبر أبي هريرة يعني حديث الباب لان حديث أبي هريرة في جواب التشميت وحديث أبي موسى في التشميت نفسه وأما ما أخرجه البيهقي في الشعب عن ابن عمر قال اجتمع اليهود والمسلمون فعطس النبي صلى الله عليه وسلم فشمته الفريقان جميعا فقال للمسلمين يغفر الله لكم ويرحمنا وإياكم وقال لليهود يهديكم الله ويصلح بالكم فقال تفرد به عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع وعبد الله ضعيف واحتج بعضهم بأن الجواب المذكور مذهب الخوارج لانهم لا يرون الاستغفار للمسلمين وهذا منقول عن إبراهيم النخعي وكل هذا لا حجة فيه بعد ثبوت الخبر بالامر به قال البخاري بعد تخريجه في الأدب المفرد وهذا أثبت ما يروى في هذا الباب وقال الطبري هو من أثبت الاخبار وقال البيهقي هو أصح شئ ورد في هذا الباب وقد أخذ به الطحاوي من الحنفية واحتج له بقول الله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها قال والذي يجيب بقوله غفر الله لنا ولكم لا يزيد المشمت على معنى قوله يرحمك الله لان المغفرة ستر الذنب والرحمة ترك المعاقبة عليه بخلاف دعائه له بالهداية والاصلاح فإن معناه أن يكون سالما من مواقعة الذنب صالح الحال فهو فوق الأول فيكون أولى واختار ابن أبي جمرة أن يجمع المجيب بين اللفظين فيكون أجمع للخير ويخرج من الخلاف ورجحه ابن دقيق العيد وقد أخرج مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا عطس فقيل له يرحمك الله قال يرحمنا الله وإياكم يغفر الله لنا ولكم قال ابن أبي جمرة وفي الحديث دليل على عظيم نعمة الله على العاطس يؤخذ ذلك مما رتب عليه من الخير وفيه إشارة إلى عظيم فضل الله على عبده فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه ثم الدعاء بالخير بعد الدعاء بالخير وشرع هذه النعم المتواليات في زمن يسير فضلا منه وإحسانا وفي هذا لمن رآه بقلب له بصيرة زيادة قوة في إيمانه حتى يحصل له من ذلك ما لا يحصل بعبادة أيام عديدة ويداخله من حب الله الذي أنعم عليه بذلك ما لم يكن في باله ومن حب الرسول الذي جاءت معرفة هذا الخير على يده والعلم الذي جاءت به سنته ما لا يقدر قدره قال وفي زيادة ذرة من هذا ما يفوق الكثير مما عداه من الأعمال ولله الحمد كثيرا وقال الحليمي أنواع البلاء والآفات كلها مؤاخذات وإنما المؤاخذة عن ذنب فإذا حصل الذنب مغفورا وأدركت العبد الرحمة لم تقع المؤاخذة فإذا قيل للعاطس يرحمك الله فمعناه جعل الله لك ذلك لتدوم لك السلامة وفيه إشارة إلى تنبيه العاطس على طلب الرحمة والتوبة من الذنب ومن ثم شرع له الجواب بقوله غفر الله لنا ولكم (قوله (1) بالكم شأنكم) قال أبو عبيدة في معنى قوله تعالى سيهديهم ويصلح بالهم أي شأنهم (قوله باب
(٥٠٣)