لتبليغ جميع الآيات وإمامة جميع الأمة بعد رسول الله؟ وكيف يتصور كونه أمينا على دين الله مع أن عزله عن حمل هذه السورة الواحدة يكون فوق السماوات السبع؟
وأيضا كيف لا يكون مظلوما من نزلت ولايته من السماء فأخذها منه رجل آخر على سبيل الظلم والعدوان؟
فاستحسنه الملك وقال: نعم، كل ما ذكرته ظاهر واضح وغير خفي على أرباب القرائح.
ثم استأذنه في خلال تلك الأحوال واحد من رجال الدولة العلية يدعى أبا القاسم في الكلام مع شيخنا الصدوق - رحمه الله - وهو بين يدي السلطان قائم، فلما أذن له قال:
كيف يجوز أن تكون هذه الأمة على ضلالة مع الامر مع أن النبي - صلى الله الله عليه وآله - قال: لا تجتمع أمتي على الضلال؟
فأخذ الشيخ في الجواب عن ادعائه الاجماع حلا ونقضا بجميع ما هو مذكور في كتب أصول الشيعة، وهو من الظهور بمنزلة النور على شاهق الطور.
ثم إنه قد طال الكلام على أثر هذا المقام بين الملك والصدوق في مراتب شتى، وعرض عليه في ذلك الضمن أيضا كثيرا من أحاديث لزوم الحجة في كل زمان فانبسط وجه الملك جدا، وأظهر غاية اللطف والمرحمة بالنسبة إليه، وأعلن كلمة الحق في ذلك النادي، ونادى: أن اعتقادي في الدين هو ما ذكره هذا الشيخ الأمين، والحق ما تذهب إليه الفرقة الامامية دون غيرهم.
واستدعى أيضا حضوره - رحمه الله - في مجلس الملك كثيرا.
فلما ورد الصدوق عليه من الغد وأخذ الملك في مدحه وثنائه أظهر بعضهم بحضرته المقدسة أن هذا الشيخ يرى أن رأس الحسين - عليه السلام كان يقرأ على القناة سورة الكهف.