أهله، وما أشبه هذا من القول.
فأجابه عبد الله برسالة طويلة يقول فيها:
فبأي شئ تغرني؟ ما فعلته بأبي الحسن صلوات الله عليه بالعنب الذي أطعمته إياه فقتلته؟
والله ما يقعدني عن ذلك خوف من الموت ولا كراهة له، ولكن لا أجد لي فسحة في تسليطك على نفسي، ولولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة.
ويقول فيها:
هبني لا ثأر لي عندك وعند آبائك المستحلين لدمائنا الآخذين حقنا، الذين جاهروا في أمرنا فحذرناهم، وكنت الطف حيلة منهم بما استعملته من الرضى بنا والتستر لمحننا، تختل واحدا فواحدا منا، ولكني كنت امرئ حبب إلي الجهاد كما حبب إلى كل امرئ بغيته، فشحذت سيفي وركبت سناني على رمحي، واستفرهت فرسي، لم أدر أي العدو أشد ضررا على الإسلام، فعلمت أن كتاب الله يجمع كل شئ، فقرأته فإذا فيه: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة).
فما أدري من يلينا منهم، فأعدت النظر فوجدته يقول: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) فعلمت أن علي أن أبدأ ما قرب مني وتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو لهم; لأن الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهرا، فأمسك الناس وطفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد أعداء الإسلام ضررا عليه (1).