نتيجة البحوث وحقيقة الامر إن الباحث المتتبع يرى أن الميزان الثابت لمعرفة الحق من الباطل بمدرسة الخلفاء إنما هو مصلحة ذوي السلطة وأن كل رواية أو خبر يوجه النقد لهم أو يشينهم فهو ضعيف وغير صحيح وباطل، وكل كتاب وكل راو أو مؤلف يروي شيئا من ذلك فهو ضعيف وغير ثقة، ويرمى بأنواع الطعون وإذا ورد الحديث أو الخبر من راو لا يستطيعون الطعن عليه وعلى مؤلف الكتاب فإنهم حينئذ يؤولون الحديث إلى ما يرغبون فيه، ومن جهة أخرى كل مؤلف أو راو يذكر مناقب ذوي السلطة ويترك ما يوجه النقد إليهم فهو ثقة وصدوق، فإذا استطاع أن يدافع عنهم في ما يروي ويؤلف فهو الثقة المأمون المصدق وتنتشر رواياته في الكتب وتذاع، ومن هذا الباب الواسع أدخل سيف الزنديق في سنة رسول الله (ص) سيرته وحديثه بمقتضى زندقته ما شاء ولذلك - أيضا - انتشرت رواياته في أكثر من سبعين مصدرا من مصادر الدراسات الاسلامية زهاء ثلاثة عشر قرنا.
إن سيف بن عمر أدخل في سنة رسول الله (ص) حديثا وسيرة ما اختلقه ودرسناه في أبواب (رسل النبي (ص) و (عمال رسول الله (ص) و (الوافدون على رسول الله (ص) و (ربيب رسول الله (ص)) من كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق وكتابنا (رواة مختلقون) وقد مر بنا في ما سبق كيف حرف سيف حديث رسول الله (ص) في حق عمار.
كان هذا رأينا في سيف ونظائره مثل أبي الحسن البكري مؤلف كتاب الأنوار الذي أدخل أحاديث خرافة في كتاب: سيرة النبي المختار وغيره من كتبه مثل كعب الأحبار الذي أدخل الإسرائيليات في مصادر الدراسات الاسلامية، وقد درسنا أخبارهم وآثارها في سلسلة (نقش أئمة). كان هذا شأن هؤلاء عندنا.
أما البخاري وصحيحه وابن هشام وسيرته والطبري وتاريخه وأمثالهم من العلماء الذين ناقشنا إسلوبهم فلهم عندنا شأن آخر فإنهم وإن كانوا ينتقدون في شئ من إسلوبهم فإنهم مع ذلك قد أوردوا في كتبهم الكثير من سنة رسول الله (ص) الصحيحة سيرة وحديثا مما نعتمدها ونرويها عنهم، وكذلك دأب علماء مدرسة أهل البيت مع من يرون خطأ في عملهم العلمي فإنهم عندئذ ينتقدون أسلوبه أشد الانتقاد رغم أنهم يجلونه ويحترمونه ويأخذون منه غير الذي انتقدوه فيه، وهذا معنى عدم تقليدهم لمن تقدمهم من العلماء لا في الاحكام الفقهية ولا في دراية الحديث، إن علماء مدرسة أهل البيت يضعفون الحديث الضعيف في أصول الكافي وصحيح