والشفيع والولي وان أوضح مثال لما قلنا المورد الآتي:
من يتوفى الأنفس قال تعالى: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم النحل / 28 وقال: تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم النحل / 32 وقال: توفته رسلنا وهم لا يفرطون الانعام / 61 وقال: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون السجدة / 11 وقال: الله يتوفى الأنفس حين موتها - الزمر / 42 فمن قال إن الملائكة تتوفى الأنفس حين موتها بإذن الله لم يكذب ولم يشرك، ومن قال ملك الموت عزرائيل يتوفى الأنفس حين موتها بإذن الله لم يكذب ولم يشرك، ولا منافاة بين القولين وبين القول بان الله يتوفى الأنفس حين موتها، وفي كل هذه الحالات لم يتوفى الأنفس غير الله ولا مع الله بل إن الله هو الذي توفاها (1) وكذلك الشأن بالنسبة إلى الصفات الأخرى المذكورة سابقا.
دعوة الرسول والتوسل به إلى الله بناء على ما بينا بان كلا من الحاكم والمالك والشفيع والخالق والمحيي والمميت والولي إذا كان بإذن الله فليس ثمة غير الله ولا دون الله ولا مع الله. بناء على ذلك فان دعوة النبي (ص) في المتوسل به إلى الله - أيضا - إذا كان بإذن الله فليس ثمة دعاء غير الله ولا دون الله ولا مع الله وليس من مصاديق ما نهى الله عنه في قوله تعالى: " ولا تدعوا مع الله أحدا " وقد مر بنا في الحديث المروى بمسند احمد وسنن الترمذي وابن ماجة ورواية البيهقي والتي صححوها بان رسول الله (ص) علم الصحابي الضرير ان يدعو بعد الصلاة ويقول " اللهم إني أسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي اللهم فشفعه لي " (2)