ما كتموه من خبر الوصية، يتضح جليا، ان انتشار تعيين الرسول عليا وصيا له كان يسوء مدرسة الخلفاء، فحذفوا من القصيدة والخبر هذا القسم دون أن يشيروا إلى انهم حذفوا منهما شيئا وهذا النوع من الكتمان من أكثر أصناف الكتمان بمدرسة الخلفاء سواء في حديث الرسول (ص) أو سيرته أو سيرة صحابته ويطول بنا المقام لو أردنا أن نأتي بأمثلة منها في غير شأن الوصية من سنة الرسول (ص) في هذا المقام.
ه - حذف تمام الرواية من سنة الرسول (ص) مع عدم الإشارة إليه.
إن ابن هشام (1) أخذ من سيرة ابن إسحاق برواية البكائي ما أورد في سيرته من روايات سيرة الرسول (ص) وقال في ذكر منهجه بأول الكتاب:
" وتارك بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب.... وأشياء يشنع الحديث به وبعض يسوء الناس ذكره... ".
وكان مما حذفه ابن هشام من سيرة ابن إسحاق (مما يسوء الناس ذكره) خبر دعوة الرسول بني عبد المطلب عندما أوحى الله إليه " وأنذر عشيرتك الأقربين " فقد روى الطبري في تاريخه عن ابن إسحاق بسنده ان رسول الله (ص) قال في دعوته لبني عبد المطلب:
" فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فأحجم القوم عنها جميعا ".
وقال علي بن أبي طالب:
" أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي - رقبة علي بن أبي طالب - ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، قال فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع " (2) حذف ابن هشام هذا الخبر وأخبارا كثيرة أخرى كان يرى أنها يسوء الناس ذكرها