أما جواب النبي (ص) وتأخره عن الإجابة فقد كان هذا شأن النبي (ص) في الأمور الهامة ينتظر أمر السماء مثل انتظاره في المدينة أمر السماء في تحويل القبلة إلى الكعبة وهو يعلم أنها قبلته، حتى نزلت عليه " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " ولما كان رسول الله (ص) يعلم تنافس الانسان العربي على الامرة كما مر بنا ببعض أخباره فيما سبق وكان المجتمع الاسلامي الصغير في المدينة الذي بدأ النبي (ص) بتأسيسه لا يتحمل نشر خبر ولاية عهد الإمام علي بعد النبي (ص)، تأخر النبي (ص) في جواب سلمان، ولعله أجاب سلمان حين أذن له بذلك وعندئذ فاتح سلمان وأعده لاستماع الجواب بالسؤال منه عن وصي موسى و هو يعلم أن سلمان يعلم ذلك بما عنده من علماء أهل الكتاب فلما أجابه بأن يوشع بن نون كان وصي موسى، سأله النبي (ص) وقال له: " لم " فلما قال سلمان في جوابه:
" لأنه كان أعلمهم يومئذ " قال النبي (ص): (فان وصيي و... علي بن أبي طالب).
والحكمة في جواب النبي لسلمان بهذا الأسلوب ما يأتي:
أولا: ضرب النبي (ص) المثل بيوشع بن نون لأنه كان أشهر أوصياء الأنبياء، ولان موسى بن عمران (ع) كان قد استخلفه على أمته من بعده، فقاد بني إسرائيل ومارس الحروب كما فعل الإمام علي بعد النبي (ص) في مدة حكمه.
ثانيا: سأل عن سبب كون يوشع وصيا لموسى وأجاب سلمان أنه كان أعلمهم، بهذه المحاورة بين الرسول (ص) أن عليا وصيه ليس لكونه ابن عم الرسول (ص) أو لأنه دافع عن الاسلام في حروب النبي (ص) ببسالة فائقة بل لأنه أعلمهم أي أنه كشف عن قابلية الإمام علي للوصاية على الاسلام والمسلمين وأكد على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله: " موضع سري وخير من أترك بعدي " وهذا الكلام أيضا أوله الطبراني وقال: (خير من أترك بعدي من أهل بيتي) كان هذا تأويل الطبراني في حديث لم يجد فيه مغمزا من ضعف وما شاكله من القول.
حيرة عالم آخر في تأويل معنى الوصية قال ابن أبي الحديد الشافعي في شرح الوصية في كلام الإمام علي:
(لا يقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد... هم أساس الدين...
ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة).
(أما الوصية فلا ريب عندنا أن عليا (ع) كان وصي رسول الله (ص) وان خالف في ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد ولسنا نعني بالوصية النص على