الفاكهة شيئا كثيرا ويقول والله ما أشبع وإنما أعيا، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك. وأما في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة. أن رسول الله (ص) قال:
اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة. فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له غير ذلك " (1) انتهى كلام ابن كثير، وأراد بما قال أن دعاء الرسول على معاوية دعاء له في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فبما ذكره من مزية كثرة الاكل للملوك وأما الآخرة فاعتمد الأحاديث التي نسبت إلى رسول الله (ص) أنه كان يلعن المؤمنين - معاذ الله - ودعا أن يكون لهم زكاة وطهورا. وأن مسلما حين أورد هذا الحديث في آخر هذا الباب أثبت لمعاوية رضوانا وتقربا إلى الله يوم القيامة، وهكذا يؤولون الأحاديث والاخبار التي فيها ذم لذوي السلطة من الخلفاء والولاة إلى ما فيه مدحهم والثناء عليهم.
ولنا هنا نظرة تأمل في ما رووا أن النبي لعن المؤمنين - معاذ الله -.
نظرة تأمل في ما رووا في باب من لعنه النبي.
رووا واللفظ هنا لمسلم في صحيحه، باب من لعنه النبي أن رسول الله (ص) قال: " اللهم إني اتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ". أشعر وأنا أكتب هذا بمثل وخز المدى في قلبي من عظم ما نسب إلى رسول الله (ص)!!
يروون هذا الحديث في مقابل قول الله سبحانه وتعالى لرسوله " وانك لعلى خلق عظيم " وينبغي دراسة هذا الحديث في الصنف الثامن من أنواع الكتمان: (وضع الروايات المختلقة بدلا من الروايات الصحيحة) فإنها نسبت إلى رسول الله (ص) في مقابل ما تواتر عند جميع المسلمين من سنة رسول الله الصحيحة في باب سمو أخلاقه الكريمة وإنما رويت أمثال هذه الرواية عن رسول الله (ص) لكتمان ما مر بنا من رواية أم المؤمنين عائشة أن رسول الله (ص) لعن الحكم بن أبي العاص والد الخليفة الأموي مروان، وكتمان ما تواتر روايته عن رسول الله (ص) في حق الخليفة معاوية التي أولها ابن كثير إلى ما فيه مدح معاوية وبما إنا قد ناقشنا هذه الأحاديث في الجزء الثاني من كتاب " أحاديث أم المؤمنين عائشة " والثالث من نقش أئمة در احياء دين - أي عمل الأئمة في إحياء الدين - لا نعيد تلك البحوث في هذا الكتاب.