عود على بدء نعود إلى بحث تأويل معنى الرواية من أصناف الكتمان ونقول:
ومن هذا الباب من التأويل كان ما مر بنا في خبر درأ سعد الوقاص حد شرب الخمر عن أبي محجن، وتمحل ابن فتحون وابن حجر في تأويل قول سعد لأبي محجن " والله لا نجلدك على الخمر ". وسيأتي في بحث نص رسول الله (ص) على أن عدد الأئمة الخلفاء بعده اثنا عشر، كيف ارتبكوا في تأويله عندما رأوا أنه لا يصدق على غير الأئمة الاثني عشر من آل رسول الله (ص) وأول كل واحد من العلماء الحديث على غير الأئمة الاثني عشر من آل الرسول (ص) بما لم يرض به العالم الاخر ونقضه.
ومن هذا الباب من الكتمان ما فعله الطبراني مع الحديث الآتي كما في مجمع الزوائد (1):
(عن سلمان قال قلت: يا رسول الله ان لكل نبي وصيا، فمن وصيك؟
فسكت عنى، فلما كان بعد رآني فقال " يا سلمان " فأسرعت إليه قلت: لبيك قال:
" تعلم من وصي موسى؟ " قال نعم: يوشع بن نون، قال " لم " قلت: لأنه كان أعلمهم يومئذ، قال: " فان وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب " رواه الطبراني وقال وصيي: أنه أوصاه بأهله لا بالخلافة).
انتهى ما نقله الهيتمي عن الطبراني في مجمع الزوائد.
نظرة تأمل ودراسة للحديث النبوي الشريف وتأويل الطبراني إياه لمعرفة مدى صحة تأويل الطبراني للحديث الشريف ندرس ثلاثة جوانب من الحديث: السائل والسؤال وحكمة النبي في الجواب.
السائل هو: سلمان الفارسي نسبا ولم يكن من بني عبد المطلب أو أقرباء أزواج الرسول أو أصهاره ليعنيه من يخلفه الرسول على أهله وإنما كان ممن عاشر رهبان النصارى وعلماءهم قبل أن يسلم على يدي الرسول (ص)، وأخذ منهم علم الأمم السابقة وأنبياءها وأوصياءها ومن ثم قال للرسول (ص) (ان لكل نبي وصيا فمن وصيك؟) فهو إذن يسأل عن وصي النبي على شريعته وولي عهده في أمته، ولم يقل له أن رب كل عائلة يعين وصيا فمن وصيك من بعدك؟ ليفهم منه أنه يسأل عن خليفته على أهله.