أولا - قصة الأسود العنسي في روايات سيف روى الطبري في قصة الأسود العنسي (1) عدة روايات عن سيف تتلخص في ما يلي: أن الأسود لما ادعى النبوة وتغلب على اليمن وقتل ملكها شهر ابن باذان و تزوج امرأته وأسند أمر الجيش إلى قيس بن عبد يغوث وأسند أمر الأبناء - وهم أبناء الفرس باليمن - إلى فيروز وداذويه، كتب النبي (ص) إلى هؤلاء بقتال الأسود أما مصادمة أو غيلة، فاتفقوا على اغتياله فأخبره شيطانه فأرسل إلى قيس وقال: يا قيس!
ما يقول الملك، قال قيس: " وما يقول؟ " قال: يقول: " عمدت إلى قيس فأكرمته حتى إذا دخل منك كل مدخل، وصار في العز مثلك، مال ميل عدوك، وحاول ملكك، وأضمر على الغدر! أنه يقول: يا أسود، يا أسود يا سوءة! يا سوءة! اقطف قنته (2) وخذ من قيس أعلاه والا سلبك أو أخذ قنتك! " فقال قيس وحلف به و كذب " وذي الخمار (3) لانت أعظم في نفسي وأجل عندي من أن أحدث بك نفسي ".
قال الأسود: " ما أجفاك! أتكذب الملك؟! وعرفت الآن انك تائب مما اطلع عليه منك " يعني ما اطلع عليه شيطانه الذي يسميه الملك.
وقال سيف: ثم خرج قيس وأخبر جماعته بما جرى له مع الأسود وتواطؤوا على إنفاذ ما اتفقوا عليه من قتله، فدعا الأسود قيسا ثانية، وقال له: " ألم أخبرك الحق وتخبرني الكذابة أنه يقول - يعني شيطانه الذي يسميه الملك -: يا سوءة!
يا سوءة! الا تقطع من قيس يده يقطع قنتك العليا " فقال له قيس: " ليس من الحق أن أقتلك وأنت رسول الله فمر بي بما أحببت، فإما الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة!
اقتلني! فموتة أهون علي من موتات أموتها كل يوم "، قال سيف: فرق له فأخرجه!
وقال دعا الأسود بمائة جزور بين بقرة وبعير، وخط خطا فأقيمت من وراء الخط، وقام من دونها، فنحرها غير محبسة ولا معقلة، ما يقتحم الخط منها شئ، ثم خلاها فجالت إلى أن زهقت، ونقل سيف عن الراوي أنه قال: " ما رأيت أمرا كان أفظع منه، ولا يوما أوحش منه ".
قال سيف: وتواطؤوا مع زوجته على اغتياله - ليلا - فلما دخلوا عليه ليقتلوه بادره فيروز، فأنذره شيطانه بمكان فيروز وأيقظه فلما أبطأ تكلم الشيطان على لسانه وهو يغط في نومه وينظر إلى فيروز قال له: " مالي ولك يا فيروز " فدق فيروز رقبته وقتله.