إطاعة الامام الجائر المخالف لسنة الرسول (ص) رأينا في بحث وجوب طاعة الامام بمدرسة الخلفاء كيف رووا عن رسول الله (ص) النهي عن الخروج على السلطان الجائر المخالف لسنة الرسول (ص) ووجوب طاعته، أما مدرسة أهل البيت (ع) فقد رووا عن رسول الله (ص) روايات تناقض تلك الروايات مثل رواية الإمام الحسين (ع) سبط رسول الله (ع) عن جده قال:
" من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا عهده مخالفا لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله (1) " وبمقارنة نظير هذه الروايات برواية مدرسة الخلفاء أدركنا ان تلكم الروايات بمدرسة الخلفاء إنما رويت عن رسول الله (ص) احتسابا للخير وتأييدا للسلطات الحاكمة على المسلمين وكان ذلك في أوائل العصر الأموي ثم دونوها في عصر تدوين الحديث أوائل القرن الثاني الهجري بكتب الحديث صحاحها ومسانيدها (2) وتسالموا جميعا على صحتها والعمل بها. شرحها وعلق عليها وأكدها علماء بلاط السلطات الحاكمة من محدثين وقضاة وخطباء وأئمة الجمعة والجماعة وأشباههم مدى العصور في شتى البلاد منذ عصر الخلافة الأموية بالشام والأندلس ثم العباسية في بغداد والعثمانيين في تركيا وحكام المماليك في مصر والسلاجقة والغزنويين في إيران والأكراد في الشام وأغدقت تلك السلطات عليهم الجاه والمال والحضوة في بلاطها وتابعهم على ذلك الملا من اتباعهم.
وهكذا انقسم المسلمون إلى مدرستين، مدرسة الخلفاء التي أغدق حكامها:
المال والجاه والمناصب والحضوة على مروجي أفكار مدرستها، ومدرسة أهل البيت (ع) التي قاومت تلك الأفكار والروايات المروية تأييدا للسلطات واجتهاداتها فبذلت لها السلطات الحاكمة القتل والسجن والتشريد وحملات الإبادة وحرق الكتب والمكتبات مدى العصور (3) لابعاد أفكارها المحافظة على سنة الرسول (ص) من المجتمع واخفائها عن انظار المسلمين (4) وبعد كل ما ذكرنا ماذا يصل إلينا من الحقائق في هذا العصر!؟