وعرفنا ان أول بيعة أخذت بعد رسول الله هي البيعة للخليفة أبي بكر وعلى صحتها تتوقف صحة بيعة الخليفة عمر لأنها أخذت بأمر من الخليفة أبي بكر، وعلى صحة بيعة الخليفة عمر تتوقف صحة بيعة الخليفة عثمان، لأنها أخذت بأمر من الخليفة عمر حين أمر ان يبايعوا من الستة القرشيين من بايعه عبد الرحمن بن عوف، وان يقتلوا من خالف.
وعرفنا كيف أخذت البيعة للخليفة أبي بكر غلابا في سقيفة بني ساعدة ثم بمساعدة قبيلة بني أسلم في سكك المدينة، وكيف حمل النار إلى بيت فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه قد تحصن فيه من أبى ان يبايع، وان بني هاشم لم يبايعوا مدة حياة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وان الجن قتلت سعد بن عبادة بسهمين لأنه لم يبايع، كان هذا شأن اخذ البيعة في المدينة. اما خارج المدينة، فكان شأن من امتنع عن بيعة الخليفة أبي بكر وأبى ان يدفع الزكاة لجباة الخليفة، قتل الرجال، وسبي النساء، وسلب الأموال.
كما كان شأن مالك بن نويرة عامل رسول الله صلى الله عليه وآله (1) وأسرته من قبيلة تميم حين دهمهم جيش خالد بن الوليد ليلا، وأخذوا السلاح، فقال جيش خالد: انا المسلمون، فقال أسرة مالك: ونحن المسلمون، فقال لهم جيش خالد: فان كنتم كما تقولون، فضعوا السلاح فوضعوها ثم صلوا مع جيش خالد (2) ثم أخذوهم إلى خالد بن الوليد، فأمر بضرب عنق مالك فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد: هذه التي قتلتني وكانت في غاية الجمال، فقال خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الاسلام، فقال مالك: انا على الاسلام، وبعد قتله أمر خالد برأسه فنصب اثفية للقدر وتزوج بامرأته في تلك الليلة ولما يدفن مالك (3).
وكما كان شأن قبائل كندة فان زياد بن لبيد البياضي، عامل أبي بكر اخذ ناقة لفتى من كندة، فسأله الكندي اخذ غيرها فأبى ذلك، لأنه وسمها بميسم الصدقة (4) فذهب الفتى إلى رجل من سادات كندة يقال له حارثة بن سراقة، وقال له: يا ابن عم