ثم قاتله الأشعث بن قيس وحاصره في مدينة " تيم " واسترجع منه الأموال والذراري وردها إلى أهلها فأرسل الخليفة إلى الأشعث كتابا يسترضيه فقال الأشعث للرسول: " ان صاحبك أبا بكر يلزمنا الكفر بمخالفتنا له، ولا يلزم صاحبه الكفر بقتله قومي وبني عمي ".
" فقال له الرسول: نعم يا أشعث! يلزمك الكفر لان الله تبارك وتعالى قد أوجب عليك الكفر بمخالفتك لجماعة المسلمين ".
فضربه غلام من بني عم الأشعث بسيفه فقتله، واستحسن فعله الأشعث فغضب من ذلك عامة أصحاب الأشعث حتى بقي في قريب من الفي رجل، فكتب زياد إلى أبي بكر يخبره بقتل الرسول وانهم محاصرون، فاستشار الخليفة المسلمين في ما يصنع فأشار عليه أبو أيوب الأنصاري وقال: ان القوم كثير عددهم وإذا هموا بالجمع جمعوا خلقا كثيرا فلو صرفت عنهم الخيل في عامك هذا رجوت ان يحملوا الزكاة إليك بعد هذا العام طائعين. فقال أبو بكر والله لو منعوني عقالا واحدا مما كان النبي وظفه عليهم لقاتلتهم عليه ابدا أو ينيبوا إلى الحق، ثم كتب إلى عكرمة بن أبي جهل ان يسير بمن أجابه من أهل مكة إلى زياد ويستنهض من مر عليه من احياء العرب، فخرج في الفي فارس من قريش ومواليهم وأحلافهم ثم سار إلى مأرب، وبلغ ذلك أهل دبا فغضبوا وقالوا نشغله عن محاربة بني عمنا من كندة، وأخرجوا عامل أبي بكر، فكتب أبو بكر إليه ان يسير إليهم، وان لا يقصر فيهم، وإذا فرغ منهم ان يبعث بهم اسراء، فسار إليهم عكرمة وقاتلهم وحاصرهم، فسألوا الصلح وان يؤدوا الزكاة، فأبى الا ان ينزلوا على حكمه فأجابوه، فدخل عكرمة حصنهم، وقتل اشرافهم صبرا، وسبى نساءهم وأولادهم، وأخذ أموالهم ووجه بالباقين إلى أبي بكر، فهم ان يقتل الرجال ويقسم النساء والذرية، فقال له عمر:
يا خليفة رسول الله، ان القوم على دين الاسلام يحلفون بالله مجتهدين ما كنا رجعنا عن دين الاسلام، فحبسهم أبو بكر إلى أن توفى وأطلق عمر سراحهم على عهده.
فسار عكرمة إلى زياد فبلغ خبره الأشعث فانحاز إلى حصن النجير وجمع فيه نساءه ونساء قومه، فبلغ ذلك قبائل كندة ممن كان تفرق عن الأشعث لما قتل رسول أبي بكر فتلاوموا ان يتركوا بني عمهم محاصرين فسارت لقتال زياد فجزع لذلك فقال له عكرمة: أرى ان تقيم محاصرا لمن في الحصن وأمضي انا فالقى هؤلاء القوم، فقال له