فالمدينة، فامكثوا فيها، وأما انقصام سيفي من عند ظبته فمصيبة في نفسي، وأما البقر المذبح فقتلي في أصحابي، وأما أني مردف كبشا فكبش الكتيبة نقتله إن شاء الله. " وفي رواية: " وأما انقصام سيفي فقتل رجل من أهل بيتي. " وقال: أشيروا علي. " ورأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يخرج من المدينة فوافقه عبد الله بن أبي والأكابر من الصحابة مهاجرهم وأنصارهم، وقال عليه السلام: " امكثوا في المدينة واجعلوا النساء والذراري في الآطام، فإن دخل علينا قاتلناهم في الأزقة - فنحن أعلم بها منهم - ورموا من فوق الصياصي والآطام (1). " وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن، فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا وطلبوا الشهادة وأحبوا لقاء العدو: اخرج بنا إلى عدونا. وقال حمزة، وسعد بن عبادة، والنعمان بن مالك بن ثعلبة، في طائفة من الأنصار: إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم، فيكون هذا جرأة منهم علينا، وقد كنت يوم بدر في ثلاثمائة رجل فظفرك الله عليهم، ونحن اليوم بشر كثير، قد كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله به، فساقه الله إلينا في ساحتنا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرى من إلحاحهم كاره، وقد لبسوا السلاح. وقال حمزة: والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم (2) بسيفي خارجا من المدينة، وكان يوم الجمعة صائما ويوم السبت صائما. وتكلم مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري، والنعمان بن مالك بن ثعلبة، وإياس بن أوس بن عتيك، في معنى الخروج للقتال. فلما أبوا إلا ذلك صلى (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة بالناس وقد وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس بالشخوص (4) إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج كثير. ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالناس وقد حشدوا، وحضر (5) أهل العوالي (6) ورفعوا النساء في الآطام: ودخل صلى الله عليه وسلم بيته ومعه
(١٧٢)