ان زياد بن لبيد قد أخذ لي ناقة فوسمها وجعلها مع إبل الصدقة، وانا مشغوف بها، فان رأيت أن تكلمه فيها فلعله ان يطلقها ويأخذ غيرها من ابلي، فأقبل حارثة إلى زياد وقال له: ان رأيت أن ترد ناقة هذا الفتى عليه وتأخذ غيرها فعلت منعما، فقال زياد، قد وضع عليها ميسم الصدقة، فترادا الكلام، فأقبل حارثة إلى إبل الصدقة فأخرج الناقة، بعينها، وقال للفتى خذ ناقتك فان كلمك أحد سأحطم انفه بالسيف وقال:
نحن إنما أطعنا رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان حيا ولو قام رجل من أهل بيته لاطعناه واما ابن أبي قحافة فلا والله ماله في رقابنا طاعة ولا بيعة وأنشأ أبياتا من جملتها:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا * فيا عجبا ممن يطيع أبا بكر وقال له الحارث بن معاوية من سادة كندة:
انك لتدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد فقال له: زياد، صدقت ولكنا اخترناه لهذا الامر.
فقال له الحارث: اخبرني لم نحيتم عنها أهل بيته، وهم أحق الناس بها لان الله عز وجل يقول: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فقال له زياد: ان المهاجرين والأنصار انظر لأنفسهم منك! فقال له الحارث: لا والله ما أزلتموها عن أهلها الا حسدا منكم، وما يستقر في قلبي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علما يتبعونه، فارحل عنا أيها الرجل فإنك تدعو إلى غير رضا، ثم أنشأ الحارث يقول:
كان الرسول هو المطاع فقد مضى * صلى عليه الله لم يستخلف فأرسل زياد إبل الصدقة امامه إلى المدينة ثم سار إلى المدينة وأخبر أبا بكر فجهزه في أربعة آلاف مقاتل فسار زياد يريد حضرموت وفي طريقه كان يباغت قبائل كندة ويقتل منهم ويستأسر، مثل بني هند الذين هاجمهم وقتل منهم جماعة واحتوى على نسائهم وذراريهم.
ووافى حي بني العاقل من كندة غافلين فلما أشرفت الخيل عليهم تصايحت النساء واقتتل الرجال ساعة ووقعت الهزيمة عليهم، واحتوى زياد نساءهم وأموالهم.
وكبس بخيله في جوف الليل حي بني حجر من كندة فقتل منهم مائتي رجل وأسر خمسين وفر الباقون واحتوى على النساء والأولاد.